أُمّي، كبُرتُ
وَمرَّ عامٌ لم تزورينِي...
سوى في ذلك الكابوسِ..
هل أخطأتُ، يا أُمّي، بحقّكِ
إذ هربتُ وحيدةً ونَجوْتُ؟
أم ما زلتِ غاضبةً عليَّ
لأنّني لم أَسْقِ داليتِي
ولَمْ أُطعِمْ دجاجاتِ الحظيرةْ؟

ما عُدْتُ، يا أمّي، الشّقيّةَ
صرتُ أكنُسُ ساحةَ البيتِ الصّغيرةْ
وأنظّفُ الأدراجَ مثلَكِ كلَّ يومٍ.. والحصيرةْ
وأبي الّذي ما كان يأكلُ غيْرَ طبخِكِ
صارَ يعشقُ من يدي ( رُزّاً وباميةً)
ويَدعوني أمامَ رفاقِهِ: ماما الصّغيرةْ!
أصبحتُ، يا أمّي، شهيرةْ
وتغارُ كلُّ بناتِ صَفِّي
حين أطلعُ في ( الجزيرةْ)

لكنّني في الليل، يا أمّي، أخافُ
أخافُ منكِ..
فلا تَزوريني
في اللّيلِ يا أمّي..
دعيني مرّةً أرتاحُ في نومي..
فأنا أخافُ من الكوابيسِ الكثيرةْ

وأخافُ منهمْ..
// كيف طخّوكم جميعاً؟!
إخوتِي.. أمّي..
ولم أقدرْ عليهمْ؟
ليتَني قد كنتُ مثل اليومِ، يا أمّي
كبيرةْ//

لا تغضبي منّي
وزُوريني نَهاراً..
راجِعي درسَ ( الْحِسابِ)
ولا تلوميني إذا أخطأتُ
في ( جمعِ الكسورِ)
وفي مسائلِهِ العسيرةْ

لكنّني أصبحتُ في ( التّعبير) بارعةً
وفي حفظِ القصائدِ..
عندما سألتْ معلّمتي ( نُهى):
_ ما الحربُ؟
قلتُ لها:
_ اختصارُ طفولتِي..
_ ما السِّلمُ؟
قلتُ لها:
_ مُشاكَسَةٌ مثيرةْ!

وتقولُ للفتيات عنّي:
هذه ( أَلْماظةٌ) ستُضيئُنا
وتصيرُ شاعرةً كـ( فدوى)..
قلتُ – يا أمّي- لَها:
لكنّني سأصيرُ كـ( الخنساءِ)..

يا أمّي،
تعالي في الصّباحِ
وأيقظينِي من فِراشي
حضّري كوبَ الحليبِ
وسوف أشربُهُ..
وأركضُ كالفَراشِ..
وأعودُ سالِمةً إليكِ من الحروبِ
معَ الظّهيرةْ

أنتِ الوحيدةُ لي
فعودي في النّهارِ..
ولا تجيئي في الظّلامِ
مع الكوابيسِ الكثيرةْ..


____

* ألماظة السّمّوني: الطفلة الفلسطينيّة ابنة الأحد عشر عاماً التي فقدت عائلتها الضغيرة وعائلتها الكبيرة في العدوان الصهيوني على غزة عام 2009، إذ قتل ما يزيد على تسعين شخصاً من عائلة السّمّوني.