الأرضُ البديلة - مسار رياض | القصيدة.كوم

شاعرٌ عراقيٌّ (1980-) يُصلي على جرح العراقِ ويسلّم.


1892 | 0 | 2 | 0




في سماءٍ ما
أجبتُ السائلَ الظلَّ بذاتي
أينَ يرتاحُ الذي أنهَكَهُ العُمْرُ وأفناهُ الضَّمَا
والذي ماتَ ودفءُ الخبزِ في كفَّيِه أمسى حُلُمَا
قلتُ أيضاً في السَّما

والذي أحْرَقَهُ العشقُ لهذا البلدِ المأساةِ
حتى هَدَّهُ الشوقُ إلى الوصلِ
ولم يلقَ مِنَ المعشوقِ إلا أَلمَا
قلتُ أيضاً في السَّما

والذي أنكَرَ ما يَنفُثُهُ الكهّانُ مِنْ ليلٍ
فقالوا مسَّهُ الصبحُ بضُرٍ
فَمَضَى يُبصِرُ ما لا يُبصِرُ الموتى
وقَد ذَوَّبهُ الحُزنُ عليهم نَدَمَا
قلتُ يلقى ما تَمنّى في السما

والذي في زَمَنِ الصمتِ بحرفينِ
لوجهٍ غارقٍ في هَمِّهِ اشتَقَّ فَمَا
ثمّ قالَ انطقْ
فقالَ : الخوفُ أدهى حيلةً منكَ
وأعلى قَدَما

والتي بَعْثَرَتِ الحربُ على قارعِةِ الموتِ بَنِيها
فَتَشظَّتْ في دُروبِ الندبِ عُمْراً مأتَمَا
والتي شحَّ بها الصوتُ ومازالتْ تُنادي :
ثقلَ الحِمْلُ فيا حَمَّالَ نَعشي
مَنْ لهذا الشيبِ لو مِنْ فوقِهِ سَقفُ الحياةِ انهدَمَا
مَنْ تُرى يُغمِضُ عَينيَّ
ومَنْ يَسكُبُ في آخرِ أنفاسي وَداعاً بلسَما

مَنْ لكلِّ الحُزنِ هَذا ؟
مَنْ يُجيدُ القطفَ مِنْ بُستانِ عينٍ
زَرَعَتْ في دمعِها قولَ لماذا ؟
قلتُ :
لا أملكُ مِنْ دُنيا الأجاباتِ سوى أنَّ السَّما
- في زيِّها المعروضِ للناسِ إذا اشتطَّ بِهِم واقعُهُم -
غيرُ السما
محضُ تسويفٍ لهضْمِ الواقعِ المُرِّ
على الحُرِّ
مِنَ الكُرسيِّ والعرشِ
وَخَبْطٌ - فوقَ ما يكتبُهُ النورُ- بأقدامِ العَمى
حُجُبٌ أنشأها العَجْزُ
وأحماضُ قَناعاتٍ أذابَتْ أُمَمَا
فبِمَاذا سوفَ تَجْتَازُ النداءاتُ مَدَاها
وبأيِّ الأَبجدياتِ التي تُقرَأُ يا كُلَّ شكوكِ الكَيَفِ
يَدري بمعاني الفَرَحِ المنسيِّ مَنْ في عُمْرِهِ ما ابتسَمَا
كيفَ يستوعِبُ جِلدُ الأرضِ أنّ الرجفةَ الأولى بهِ أمطارُ تشرينَ
وليستْ جُثَثَاً قد سَقَطتْ سَهواً مِنَ النصِّ
وهَلْ يُدرِكُ عِشقَ البذرةِ البكْرِ إلى الماءِ الذي لم يرَ مِنْ فلسفَةِ الزُرَّاعِ إلا عَدَما

إنَّ في بالِ السما يا سائلي أَرضَاً
لها دورتُها في فَلكِ المعنى
وأُفْقٌ يُحسِنُ التقديرَ لو طيرُ رؤىً مَدَّجناحِيِهِ
وسَمْعٌ يُشعِلُ الإصغاءَ للفكرةِ في ليلِ الكلا مِ
ولها إنسانُها المشغولُ باليومِيِّ والعاديِّ
لكنْ رغمَ هَذا
لم يضعْ في هيبةِ المحرابِ عمداً صَنَما
هيَ أرضٌ لا يُطيلُ الدمعَ فيها المكثَ
أو يَرجِعُ مَنْ جولتِهِ الصبحُ
مغطى بالدما
هيَ أرضٌ فكرةٌ
تحتاجُ كي تنزلَ مِنْ غيمِ الرؤى
قلباً تَخَلَّى مِنْ فَحيحِ الذاتِ
وارتدَّ صَبياً
وإلى فِطرتِهِ الأولى انتَمى








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.