شاعرٌ أردنيٌّ (1968-) يحمل الدكتوراة في الأدب العربي. قصيدته مشغولةٌ. يتخفّى عن الأنظار، ليكونَ أول من ينحسر الماءُ عنه لحظة انتهاء الطوفان.
2087 |
0 |
0 |
2
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "منزل أول
" لـ "مهند ساري"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "منزل أول
" لـ "مهند ساري"
منزل أول
0
مشاركة القصيدة
(كم منْزِلٍ في الأرضِ يأْلَـفُـهُ الفتـى
وحـــنـــيـــنُـــــهُ أبــــداً... لأوّلِ مــــنــــــزِلِ)
أبو تمّام
كنتُ معْناهُ.. ولكنْ
ضيّعَتْنا الرّيحُ يوماً..
ليْتَهُ ما كانَ لي،
يا ليْتني ما كنتُ لَهْ!
مَحْضُ غَيْبينِ على مُفْتَرَقِ الرّيحِ
وظلّيْنِ شريدَيْنِ
يَقُصّانِ على بعضِهِما ما
تَفْعَلُ الرّيحُ بمنْ ضَيّعَ ظِلَّهْ
كنتُ معْناهُ، ولكنّي
أَحُوْمُ الآنَ حَوْلَهْ
كانَ لي أَهْلي وناسي
يومَ أَفْناني هوىً
أَجْمَلَ ما ذُقْتُ من الفردوسِ
في الأرضِ، وأَدْناهُ
لَذاذاتٍ تُصافي، وأَجَلَّهْ!
فَرَطاً كان على حوضِ الهوى
إذْ كنتُ في عينيهِ، وحْدي، أُمّةً..
كيف أَفْنَى في قليلي – فوقَ
ما قد كانَ – كُلَّهْ ؟!
أنَا أَعْمى فيهِ
لا أُبْصِرُ إلاّ ذكرياتي،
وهْوَ أَعْمى فيَّ، يَبْكي
كي يَرَى في ذكرياتي شَبَحاً يَبْكي
ويَسْقيهِ غيابي.. ويَعُلَّهْ
هكذا حالُ الغريبَيْنِ هنا،
قد يُنْكِرُ القلبُ
بأرضِ القلبِ أَهْلَهْ
فاتْرُكوني أَصِلِ الموتَ بموتٍ
يَصِلُ الموتَ.. بموتٍ كان قَبْلَهْ
كنتُ نِعْمَ العَبْدُ
لو يوماً - من الدُّنيا- تأَلَّهْ!
ساجدٌ في حسْرتي، زُلْفَى
إلى النّسيانِ، ما بي من تُقىً فيها!
رُكَيْعاتٌ منَ العشْقِ عُلالاتٌ
على ضِغْثٍ منَ الأَعْوادِ أَهْمِيْها
وأَرْجوهُ، على ما أَيْبسَ اليأْسُ
مِنَ الرَّجْوَى، وأُرْخي، ضارِعاً في البابِ
أُرْخي من عَزاليْها...
رُكَيْعاتُ تهاويلٍ، وما قدْ
مَخَضَ اللّيلُ، وما عَنَّ لعيْنيْنِ
من الأشباحِ، تزدادُ مع الأيّامِ تِيْها..
تَتَلهّى، ما هَوَتْ فيه السّماواتُ
ولا مثْلُ السّماواتِ التي تَهْوي تَعِلَّهْ!
منْذُ عشرينَ، وعشْرٍ وثلاثٍ
مِنْ سنينِ الدّمعِ غادرْتُ
وأَخْفَيْتُ بِجَيْبي وردةً مائيّةً
جفَّتْ كَضِلْعٍ في أقاصي القلْبِ..
عاقرْتُ بيوتاً لسْتُ أُحْصي،
غُرَفاً يَدْمَعُ فيها اللّيلُ مثْلي
وهْيَ لا تُشْبِهُ – في الأَشباهِ – مِثْلَهْ
لم أَجدْ بيتي على
الأرضِ، هنا، بَعْدَكَ يا بيتُ
مَحاني اللّيلُ عن نفْسي
وعن وجهِ الينابيعِ..
أنا النّسْيانُ إذ يَنْسَى
أنا الرّيحانُ لو تَذْكُرُ
والمَمْحُوُّ لو تَبْقَى قليلاً،
لُغْزُكَ العالي أنا يا بيتُ،
أَعْيا كلَّ قلبٍ أَنْ يَحُلَّهْ!
منذُ عشْرينَ وعشْرٍ وثلاثٍ...
آهِ ما أَكْثَرَني الآنَ وحيداً
خارجَ السّورِ – وقد غادرْتُ –
ما أَكْثَرَ ما أَشْقَى
وما أَكْثَرَ ما يَبْقَى
لهُ الظّلُّ فُتاتاً... ما أَقَلَّهْ!
ساهِرٌ في سِرْبِ هذا اللّيلِ قلبي،
وَحَشاتي في ثيابي ساهراتٌ،
شَمَّتِ الحُزْنَ كلابٌ رقَدَتْ فوقَ
فِراشي ليلةً، تَحْرُسُ خوفي
فأَتَتْ يمْلؤُها الخوفُ/
أنا النّائمُ مذْ نامتْ هنا حولي
ولم أَصْحُ من الحُلْمِ...
وأَبْكي: كيفَ شابَ القلبُ قبلَ النّبعِ؟
والصّافي هوَ/ الرّقْراقُ،
يَجْري في ثيابي ويديَّ الآنَ،
يبْكي.. مثْلَما أَبْكي
ويَرْجوني وداعاً لائقاً بالماءِ والطّينِ
وأَرْجوهُ بأنْ يَبْقى قليلاً ،
رَيْثَما أَنْهَضُ من دمْعي، وأَسْتَنْهِضُ
هذا الرّملَ:
يا قلبي.. قليلاً، فلعلِّي أنْ أَبُلَّهْ!
ذُقْتَ هذا اللّيلَ مُزّاً
وأنا ذُقْتُ أَسَى السَّرْوِ
أَسَى الياقوتِ في السّيلِ
أَسَى تِيْنَتِنا المُثْلى على التّلِّ
وذاقَ الخِلُّ – مِنْ فَرْطِ جَوَى
البابِ، ومِنْ دمْعِ العصافيرِ
على الشُّبّاكِ – خِلَّهْ
أَلْمَسُ الآثارَ – والآثارُ نفْسي -/
ها هنا الآن وُجِدْنا
أيّها البيتُ.. ولم نوجَدْ!
على سَبْعِ صخورٍ،
سَبْعِ بَيْضاتِ السّماواتِ
ولا دِيْكَ، ولا نفْسي، ولا أنتَ!
متى يستيقظُ الفجرُ وتَلْقاني؟
متى أَبْكي مِنَ الشُّهْدِ على ثوبي،
وأَنْضو عن ندى العشْبِ
خلايايَ وَرِيْقي،
عن عُذوقِ الضّوءِ ما أَسْكَرَ
ذاكَ التّلَّ.. ما طوَّحَ نَحْلَهْ؟
نابِتٌ ظِلّي هنا فيكَ رماداً
يَحْرُسُ الأَشباحَ / مُجْراها ومُرْساها
على الأَصدافِ والرّملِ
على ملْحٍ غَرِيْبٍ شَقّقَ الجدرانَ أَعْماها
وَكِلْسٍ سادِرٍ..
كيفَ إذنْ أَنْجو،
ولم تَنْجُ هنا الأرضُ
ولم تَنْجُ السّماءُ المُضْمَحِلَّهْ ؟!
فَنَمِ الآنَ،
أَنا مَنْ هَدَمَتْهُ الرّيحُ لا أنتَ!
أَنا وَحْشَةُ هذا الحاضرِ المكسورِ
إبْريقاً على التّلِّ
فلا ماضيَّ يَنْجو من فِخاخي
كُلّما عُدْتُ على مَدْرَجةِ الأيّامِ
مَحْمولاً ومَنْهوباً.. بِلا نفْسي
ولا أَقْدِرُ أَنْ أَحْمِلَ حِمْلَهْ!
هكذا يَنْحَسِرُ الإيقانُ في قلبي..
يقولُ الحِسُّ لي: قَدِّمْ على موتِكَ
بُرهاناً لِتَحْيا!
قلتُ: لا بُرْهانَ لِمِّيّاً أُطيقُ الآنَ
في وَقْدَةِ هذا الموتِ!
يَكْفيني مِنَ المعْنى الإشاراتُ،
- وقد طاحَتْ على البابِ العباراتُ –
كَوَشْمٍ لمْ تُرَجِّعْهُ يدٌ يوْماً:
سُدىً، لا يَحْفَظُ المعْنى ولا الرّمْزَ..
أنا المرفوعُ غَيْماً خُلَّباً في الحِسِّ والمعْنى
وقدْ جَفَّتْ بَراهيني كَبَيْتي،
مثْلَ هذا البابِ جَفَّتْ
... ولِنَقْصٍ في الأَدِلَّهْ!
مُتُّ مِنْ شِدّةِ موتي!
لِحَنيني فيكَ حاجاتٌ، وقد
أَصْعَدَني التّلَّ كأنّي
أَصْعَدُ الدُّنْيا..
وبَعْضٌ مِنْ حنينِ المَرْءِ
في الدُّنْيا مَزَلَّهْ!
تلكَ عشْرٌ بَعْدَ عشْرينَ،
ثلاثٌ مثْلُها مَرَّتْ
وجَرَّتْ ثوبَها العافي على الأيّامِ
طوَّحْتُ عظامي كلَّها لِلْبَرْدِ مَقْروراً
ومَقْروراً تَلَقَّى بيتيَ اليومَ
على الجمْرِ،
على وخْزِ سوافي الرّيحِ، طِفْلَهْ
هَرَباً منكَ إليكَ الآنَ...
علِّمْني فنونَ الهجْرِ والنّسْيانَ،
علِّمْني صُدوداً مالحاً
كي أَرْفَعَ الرَّيْحانَ غُفْراناً وأَنْسَى
أنّني كنتُ – وَفِيّاً – خُنْتُ نفْسي
عندما خُنْتُكَ يا بيتُ
وأَهْبَطْتُ دمي وَحْشَةَ هذا
اللّيلِ.. والوديانَ..
لو شَتْلَةَ ظِلٍّ أَنْتَ تُبْقي،
لو فَماً – حتّى ولو أَدْرَدَ –
كيْ أَصْرُخَ:
يا نِسْيانُ خَلِّ التُّوْتَ يَرْوَى،
خَلِّهِ يَهْمي.. ويَرْضاني شقيقاً
لدَمٍ حِلٌّ لِجوعي أَنْ يُحِلَّهْ!
خَلِّ نعْناعي على ثوبي مُقيماً
خَلِّ ما يُتْلَى مِنَ القرآنِ يُتْلَى
خَلِّ شُبّاكي على الأَسرارِ مَفْتوحاً
وعُدْ بالنَّبَقِ الباقي على العهدِ
سأَتْلو لَكُما الآنَ حنيني
وحكاياتي المُمِلَّهْ
بيتُ، نَمْ، يا بيتُ، في حِضْني
نَمِ الآنَ قَرِيْرَ الطّلَلِ البالي
فلا أَصْحابَ يَأْتونَ
ولا أَهْلَ يَزوْرونَ
ولا تُبْصَرُ في بابِكَ شَمْسي
وجراحي.. وكتاباتي المُدِلَّهْ!
أَغْمَضَ الطّيرُ على
الأَغصانِ عينيهِ تُراباً جَفَّ،
أَغمضْتُ سماواتي
وأَطْبَقْتُ على اللّيلِ هشيماً
ذاعَتِ الرّيحُ بهِ...
فاغْرَوْرَقَ البيتُ
وفاضَتْ
في الشّبابيكِ الأَهِلَّهْ
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)