عفت العروبة - وليد الصراف | القصيدة.كوم

شاعر عراقيٌّ (1964-) وطبيبٌ في اختصاص الأنف والأذن والحنجرة. وقاصٌّ أيضاً.


2993 | 0 | 0 | 0



إلقاء: وليد الصراف


عفت العروبةُ نجدُها فظفارُها
فعراقُها فعُمانُها فذمارُها

فجبالُ أوراسٍ فمصر فتونسٌ
أضحت دياراً للغريب ديارُها

درستْ فأمست للغريبِ معابراً
وهي المنيعةُ دائماً أسوارُها

وهوى على أصحابها فاغتالهم
من فرطِ ما اتّكأوا عليه جدارُها

وغدا -وكان على الحوائطِ كلّها
حلماً- شعيراً للجِمالِ شعارُها

وبروقُها انطفأت وأبلَسَ رعدُها
وتنكّرت لوعودِها أسحارُها

رضيتْ بما يقضي الخريفُ مروجُها
وتقبّلت حكم السرابِ قفارُها

فُتِحَ المزادُ فمن يزايدُ أقبلوا
ها تلك فضّتُها وذاك نضارُها

وملوكُها وعروشُهم ونعوشُهم
وطبولُها وخيولُها وشفارُها

وقبائلٌ عددَ الحصى تغزو ولا
تُغزى ويأمنُ في الشدائدِ جارُها

عددَ الحصى فتخيّروا ها بكرُها
ها أوسُها وتميمُها ونزارُها

من يشتري الغزوات عندي غزوةٌ
جعل الضحى لونَ الغرابِ غبارُها

من يشتري نار القِرى تخبو ولا
يخبو بليل الذكريات أوارُها

من يشتري الأطلال قد هشّت فصدّعت
... الحجارة من أسىً أحجارُها

من يشتري مني الدخول فحومل
لم ينقطع رغم البلى زوارُها

مضت القرونُ وما عفتها ريحها
نكباء عاصفةً ولا أمطارُها

وديارَ نجدٍ من تلفّتَ نحوها
بسمت منيفتُها له وضمارُها

وعرارُ نجدٍ فيهما لا بأس إن
زادت لأجلِ شميمِهِ أسعارهاُ

من يشتري كأسَ ابن هاني أسكرت
من بعده أهلَ التقى أسآرُها

لم تنكسرْ والحانُ قاعاً صفصفاً
أضحت، وغُيِّبَ في الثرى سمّارُها

وعكاظ تعرض في مداه علومها
وتهبّ مثل نسائمٍ أشعارُها

في كل ركن منه سوق صحافةٍ
بيعت بها كعبيدها أحرارُها

من يشتري ليلى رخيصٌ ثغرُها
في العشقِ، غالٍ قرطُها وسوارُها

وصريحَ نفطٍ كالمدام مشعشعاً
قد عتقته لخيبٍر آبارُها

بأقلِّ ما بجيوبكم سأبيعُها
إن العروبةَ أفلست تجارُها

هاتوا الدراهمَ يا كرام لأنتهي
ما هم لا والله كم مقدارُها

أنا من غلاة العاشقين لها وإن
تصف العيونُ بأنّني سمسارُها

لا تعذلوا صمتي الطويل فإنّني
قيثارةٌ مقطوعةٌ أوتارُها

قالوا ارتحل فالروضُ أضحت قفرةً
يسري إلى قلب المقيم بوارُها

شمطاء عارهة الملامح والرؤى
والعشبُ غضاً والورود ستارُها

هل تستطيع إذا العواصف دمدمت
-وهي الكسيحة- هجرةً أشجارُها

أنا لست طيراً كي أهاجرَ مثلما
فعلت وتفعل دائما أطيارُها

بل دوحةٌ شاخت فلا تعطي سوى
حقد القتاد على الأريج ثمارُها

من جذره اقتلع السرور بداخلي
وتصوّحت روحي ومات نهارُها

لكأن آلاف السنين تمخضت
عن ليلةٍ قد أمحقت أقمارُها

وتجهم البنيان رغم علوّه
مذ هان سادتها وسادَ صغارُها

لم يبق منها غير قبرٍ دارس ٍ
دفنت إلى أبدٍ به أسرارُها

إلا المدامع والدماء كأنهرٍ
فيها جرت وتوقفّت أنهارُها

إلا الحرائق حيث سرت وأحرفٌ
تُلقى إليكَ من الفضاء شرارُها

إلا الفضائيّات تحكم أرضها
ورجالهن قريظةٌ تختارُها

ملأت دجانا بالنجوم كبيرةٌ
أسماؤُها وشحيحةٌ أنوارُها

الإمّعاتُ بحجم أصغر بعرةٍ
ما بين حوملَ والدخول كبارُها

لم يبقَ من أهل العروبةِ مذ طوى
إذ سار عدنانُ العصورَ مسارُها

ليفوح في كل الديار أريجها
ويلوح من كل البحار فنارُها

إلّا جريراً والفرزدقَ في الدجى
يتشاتمان فينجلي لك عارُها








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)