ذاكرة الملك المخلوع - وليد الصراف | القصيدة.كوم

شاعر عراقيٌّ (1964-) وطبيبٌ في اختصاص الأنف والأذن والحنجرة. وقاصٌّ أيضاً.


18261 | 5 | 1 | 10



البرقُ من ريبتي والرَّعد من حَنَقي
والنَّسْم من هدأتي والرِّيحُ من قلقي..
والبحر من غيمتي أمواجه ولدت
من حكمتي صمتُه، والغيظ من نزقي..
أطلقتُ أبعادهُ في كلّ ناحية
وقلت للريح أنّى شئت فانطلقي..
وإذ تبدّى مَخُوفُ الموج من كثب
رغّبتُ بالدَّرّ مَنْ أرهبتُ بالغرق..
واللَّيل مُذْ غَمر الدُّنيا تملّقني
خوفاً على سرّه المكنون من ألقي..
والطيف في غفوتي والنجم في سهري
والبدر مكتملاً، بعضٌ من الملق..
ولا يطلّ الضحى ما دمتُ في سنة
ولا يطول الدجى مالم يطل أرقي..
والشمس لو أبطأت في أفقها كسلاً
لجرّها نحوهُ من شعرها أفقي..
***
وربّ بادية أقوت عقرتُ بها
للعاشقين جميعاً ناقة الشفق..
منها أصابوا فأضوتهم فيا عجباً
من كورها، كيف لا يقوى على الرمق..
ما همّنا إذ سقينا الخيل في دمنا
من ضوئها أنّنا ننسلّ في الغسقِ..
ولاح قفر من الماضي لأعيننا
خلا من الورد لكن ضجّ بالعبق..
كأنّه بجنان الخلد متّصلٌ
بدون أن تعلم الأحداق في نفق..
به سرينا إلى أقصى مطاوحه
ملائكاً خُلقوا ظلماً من العلق..
***
لكنني عدتُ دون القوم مبتئساً
أحكي لمصطبحي عن سحر مغتبقي..
فما سكنتُ سوى أرض أغادرها
وما انتهت هجرتي إلا لمنطلقي..
ترحّلي عن عدوّي ملتقاي به
وملتقاي بمن أحببتُ مفترقي..
لكم توهمتُ أنّي مرتقٍ جبلاً
لا يُرتقى وأنا أهوي بمنزلق..
وكم ترضّيتُ من لم أرضهم خدماً
علماً بأنّ الترضّي ليس من خلقي..
ورحتُ أسكب إذا أورى الدجى ندمي
حبراً ودمعاً على ما شبّ من حرقي..
لكم صحوتُ على طيف أسائله
صاحٍ أنا أم تراني بعد لم أفق..
كلّ الدموع التي في الدهر قد ذُرفت
تغيم في ناظري في آخر الغسق..
وكلّ طيف يكنّ الليل يقصدني
من كل جفنٍ بجوف الليل منطبق..
محجّة لطيوف الدهر أجمعها
ومنبع الدمع في أيّامه حدقي..
لكم طويتُ فجاج الليل منجرداً
بلا جواد الكرى أعدو إلى الفلق..
جمّ المقابر ليلي، معولٌ أبداً
مكتظة بجنازاتي به طرقي..

أمام عيني توابيتي يُسار بها
إلى قبوريَ تحت الوابل الغدق..
أمشي وأعثر بالماشين بي فزِعا
أحار أيّاً سأبكي الآن من مزقي..
هل دمعة من دموعي بعدما ذرفت
أو قطرة من دمائي بعد لم تُرق..
بيني وبيني ثأر من يصالحني
معي وفي داخلي دهر من الحنق..
دقّات قلبي طبول للوغى أبداً
تدقّ في داخلي مجنونة النسق..
للحرب بيني وبيني عالياً قرعت
فمات بعضيَ من بعضي من الفرق..
تقدّمت يدي اليسرى لتنقذني
إذ أطبقت يديَ اليمنى على عنقي..

بلحيتي أخذت غضبى وناصيتي
وقدّمت للعدى رأسي على طبق..
وأسكنتني قبوراً لا انتهاء لها
تفحّ فيها أفاعي الشك والقلق..
تنام صبحاً وعند الليل يبعثها
إلى جهنّم صور في فم الأرق..
يزورني الناس فيها إذ شواهدها
تبدو لهم من خلال الحبر والورق..





الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: