نزيف للوتر الدمشقي - خالد الحسن | القصيدة.كوم

شاعرٌ عراقيٌّ (1988-) له لغتُه الخاصة. وحائزٌ على العديد من الجوائز العربية في الشعر.


1948 | 0 | 0 | 0



-1
كنا نمرُ كدمعتين على كمانِ ميتٍ 
و ندوزنُ الكلماتِ في سطرِ المراثي
والجهاتُ تقدُ وجهَ الصبحِ فينا
والمدينةُ ما تزالُ تمرُ في جسدِ القيامة وشمَ نارْ
وشوارعُ الحسراتِ تنقشُ في دمي آياتِ حزنٍ قادمٍ

-2
يا صوتَ قلبي 
هل ستصمتُ بعدما صمتَ الجميع؟؟
أطفالُ سوريا على أبوابِ عزرائيلَ تمكثُ ثم تنزفُ ثم تركضُ نحو موتٍ هادئٍ
والموتُ يعشقُ روحهم فتمزقتْ أشلاءُ حمصَ العالية

-3
تلكَ المدينةُ دمعةٌ في خدِ صيفٍ دامسٍ
والليلُ طالَ ونجمُهُ مازال يبكي كلما نزفَ المدى شمساً تغني للنهارِ
هذي دمشقُ تمرُ في دمي المقدسِ نخلةً من كبرياءٍ كامنٍ
بدمشقَ 
صلتْ بابُ توما ركعةً للانتظار
بدمشقَ 
تنزفُ أغنياتي لحنها المسكوبَ من نايِّ التبعثرِ فوق أسماءِ الجنود
بدمشقَ 
قد حُملَ النهارُ على أصابعِ نجمةٍ تختارُ موطنها هنالك في السماء
بدمشقَ 
تنزفُ أمهاتُ الشامِ أمواتاً برائحةِ التراب
والشامُ طفلتي التي قد غادرتني منذ صبحٍ والنهار مقيدٌ بالأفقِ يتلو آيةً للميتين

-4
ها أنتَ تنزفُ
أنتَ تبكي نجمةً تهوى المكوث على رصيفِ الليل
وأنا وحيدٌ اعشقُ المنفى الغريبَ وقد أموتُ وصوتُ أمي آيةٌ في مصحفِ الملكوتِ تنزفُ للحياةِ حروفَها
ها أنتَ وحدك يا صديقي
بندقيتُكِ الغريبةُ في يديكَ تشيرُ نحو الموتِ
صدري مأزقٌ للانتظار
فانزف بقايا الضوءِ وأطلقْ سيلكَ الليلي صدري ينتظرْ
أطلقْ رصاصَكَ يا صديقي نحو قلبِ حكايتي 
فـأنا غريبٌ عنكَ أنتَ خطيئتي الأولى وأنتَ مدينتي 
أطلقْ رصاصَكَ يا صديقي واذرفْ الدمعَ المقدسَ 
في ذرى الملكوتِ لن تجدَ المناديلَ القديمةَ حين تمسحُ حزنَك المنسي عن وجهِ المكانِ
ها أنتَ منفيٌ بصوتِ سلاحِكَ المجنون
وحدك لا تعاني حين تطلقُ سيلَ مأساةِ الجنود على دمي
وأنا غريبٌ عنكَ 
وحدي قد أتيتُ لكي يموتَ دمُ الغبارِ بأفقِ صدري 
ثم أنطقُ في مهبِ الريح وجهَ مدينتي
فاذرفْ رصاصَكَ صوبَ حرفي لن تموت قصيدتي 

-5
لي طفلُ مأساتي و وجهُ الحي اسودُ من ظلالِ الموتِ
ها إني أموتُ ولن أموتَ

فسوف تعلنُ دمعتي 
إني أنا المقتولُ قبلَ بدايتي في حارةٍ للآن تبكيني فأولدُ شامخاً من بين أحزان الندى 
الطفلُ يبكي ثم يكسرُ حسرةَ القداحِ في ورقِ الشجيراتِ التي عاشت لتبقى شاهدة
والموتُ يعرفها ويعرفُ إنني مازلتُ أستسقي الحياةَ بجمرةٍ في القلبِ كانتْ خامدة

والطفلُ يشبهُ قلبَ أمي هكذا:

طفلٌ كطيرٍ 
والسماءُ مجرحه
سيمدُ للأقمارِ كفَّ الأضرحه

طفلٌ 
كدمعٍ في جفونِ مدينةٍ تبكي 
وشيخُ الهم مرَ ليمسحه

طفلٌ كآياتِ الغيومِ 
نبيُهُ مطرٌ
يقبلُهُ خريفُ المسبحه

طفلٌ من الأوجاعِ 
تنزفُ أرضُهُ أنثى 
بآهاتِ الرجالِ موشحه

مروا عليه بريشةٍ 
فتساقطوا 
لغةً من الناياتِ 
تقطرُ أجنحه

هم هاجروا نحو الشتاءِ 
يجرهم صوتُ السحابِ 
و ذي الأكفُ مُلّوحه

فتعمدوا بالحلِ 
حتى شابَ لغزُ غيابهم 
فتطلسموا 
كي يشرحه

هو ذلك الوطنُ القديمُ 
سماؤه منفى 
وكلُّ الكائنات مجنحه
أدِرْ مهج الصبحِ
ترتيلة البدء :






الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)