سيرة العصا - أحمد الأخرس | القصيدة.كوم

شاعرٌ أردني (1993-) حائزٌ على العديد من الجوائز العربية.


1791 | 0 | 0 | 0




إلى الراحل عاطف الفراية:
أستعير حنجرتك في غيابك لأكتب قصيدتنا...

تَدَلَّيْتُ مِنْ شَجَرِ الْخَوْف
وَ لَمّا بُعِثْتُ كَيُتْمٍ عَلى كَتِفِ الْبَدَوِيِّ
تَفَرَّعْتُ..
وَ الْغابُ في داخِلي انْبَثَقَتْ بُرْعُماً لا يُغَنّي
فَصُيِّرْتُ ناياً.. وَ لِلرّيحِ حُرِّيَّةُ الْبَوْحِ
حينَ تُواري الْغُصونُ كَمَنْجاتِها
وَ كُنْتُ دَليلَ الْحَيارى إِذا أَخْطَؤوا وُجْهَةَ الْماء
وَ عَيْنَ الَّذينَ يَرَوْنَ وَ هُمْ لا يَرَوْنَ بِعَيْنِ النَّوافِذ

... وَ لَمّا رَمَتْني يَدُ الْبَدَوِيِّ –لِأَنَّ يَدَ الْأَرْضِ أَقْوى-
تَذَكَّرْتُ أُمّي وَ وِحْدَتَها، فَنَسيتُ الْعَطَش
وَ لَمّا تَذَكَّرْتُ نَفْسي ظَمِـْئتُ، هَوَيْتُ
إِلى كُلِّ جُبٍّ غَيابَتُه أَلْفُ عامِ
مِنَ الْاِنْتِظارِ لِسَيّارَةٍ لَيْسَ تَأْتي
وَ حينَ خَرَجْتُ، خَرَجْتُ عَلى كَتِفِ الْبَدَوِيِّ
الَّذي عادَ مُنْتَصِراً مِنْ غُبارِ الْهَزائِمِ
مُنْهَزِماً يَتَدَرَّبُ في جِلْدِ أَبْنائِهِ الْمُتْعَبينَ
يَجوعُ فَيُحْني لِحائي
لِيَجْعَلَ مِنْ جَسَدي مَصْرَعاً لِلْغَزال..

تَقَوَّسْتُ..
كَمْ صِدْتُ عَيْنَ الْفَراسَةِ في كُلِّ فارِس
وَ كَمْ صِدْتُ حَبْلَ الْوَتينِ
عَلى شَفَةِ الْقَلْبِ
كَمْ كُنْتُ قَوْساً لِحِكْمَتِنا مَرَّةً ..
وَ قَوْساً لِقَسْوَتِنا مَرَّتَيْن!

تَقَوَّسْتُ
حَتّى سَأَلْتُ انْحِنائِيَ:
مَنْ بَدَّلَ الشَّمْسَ بِالْإيدْزِ؟
مَنْ يَتَسَلَّلُ في زَبَدِ الْفَمِ حينَ نَنامُ؟
وَ مَنْ لا يَحِنُّ إِلى جَذْرِهِ؟

تَنَقَّلْتُ
في كُلِّ كَفٍّ دُسِسْتُ
وَ صِرْتُ أَنا حامِلي
صِرْتُ أَفْعى بِظَهْرِ السَّجينِ
أُفَرِّغُ سُمَّ الْمَحاكِمِ في هَيْكَلِ الْعَظْمِ
وَ الذَّيْلُ في يَدِ سَجّانِهِ
صِرْتُ فُحْشَ الْمَرايا عَلى خَصْرِ راقِصَةِ الْخَمْرِ
صِرْتُ.. وَ صِرْتُ.. وَ صِرْتُ
إِلى أَنْ تَكَسَّرْت
هُناكَ.... هُناكَ فَقَطْ
تَيَقَّنْتُ أَنّي خَسِرْتُ السِّمَة!
وَ صِرْتُ رَذاذاً لِنارِ الَّذي ماتَ بَرْداً
وَ أُحْرِقْتُ.. حَتّى انْطَفَأْتُ مَعَه
صِرْتُ تُرْباً
تُوَلِّدُ في صَدْرِها بِذْرَةَ الْأَسْئِلَة
وَ لكِنَّني لَنْ أَعودَ عَصاً مَرَّةً ثانِيَة!!








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.