الدُّخولُ إلى الخارج - وسام دراز | القصيدة.كوم

شاعر مصري يعيش في قرية بسيطة (اسمُها ميت حبيب) بمحافظة الغربية وينتمي إلى أسرة تحب الشعر والفن (1995-)


142 | 0 | 0 | 0




الدُّخولُ إلى الخارج

أُغافِلُ قلبي، وأُعشِبُ فوقَ يدٍ لستِ عُكَّازَها!
إنني مُفرِطٌ في الخروجِ عليَّ
فلا تَتعرَّيْ أَمامَ عُيوني التي تتبرأُ مِنِّي
اسلُكي شارعًا لمْ أكُنْهُ
فإنَّ رمادِي مَشاويرُ لم تَكتمِلْ
وخلائقُ ضلَّ الغُرابُ شرائِعَها!

قبل أن تَعرفيني، خُلقتُ بلا أي عيبٍ بجِسمي،
تزوَّجتُ.. أنجبتُ طِفلينِ
قاتلَني في أخيهِ ابنيَ البكرُ،
أوَّلُ معركةٍ خُضتُها كنتُُ خصميَ فيها
رجعتُ إلى البيتِ منتصِرًا بعدَها.. ورجعتُ قتيلًا!
أنا خائنٌ.. خنتُ نفسي، وصالحتُها.. فالتقيتُ بعينيكِ؛
لكنَّني دُونَ عيبٍ بجسمي خُلِقتُ
لهذا نظرتُ بعيدًا، وخنتُكِ.

يا ليتني ما خُلقتُ على هيئتي
ليتَ جسميَ بيتٌ..
وليتَ العيونَ شبابيكُ لا تتغيرُ فيها المشاهدُ،
كيف تخونُ الشبابيكُ وِجْهاتِها، والبيوتُ بغيرِ رِقابٍ؟
وكيفَ أخونُكِ ما دمتُ أَلزَمُ بيتي؟
أنا صالحٌ صدِّقيني، ولكنهم أخرجُوني إلى السُّوقِ
حيث البيوتُ هوادجُ تحملُها النوقُ...
لا مشهدٌ ثابتٌ في عيونِ الهوادجِ
في السُّوقِ لا مشهدٌ ثابتُ في الشَّبابيكِ
في السُّوقِ كلُّ العيونِ تَخونُ.

الحوانيتُ شاهدةٌ، والشُّموسُ على تاجرٍ
كان ذاتَ دنانِ هي البيتُ..
ذاتَ نبيذٍ هو الأهلُ..
ذاتَ ندامَى هُم الوقتُ...
كان معي منذُ جوعينِ.. أكثرَ مِما ترينَ بياضًا،
وكان الخروجُ هو /الأبُ عاد ليَحكي/
وكان الدُّخولُ هو /الأبُ لن يَخرُجَ اليومَ/
صار الخروجُ هو /الذكريات/
وصار الدخولُ هو /اليُتم/
كان فتًى صالِحًا، صدِّقيني
ولكنَّهم أَخرجُوهُ إلى السُّوقِ
حيثُ الحوانيتُ شاهدةٌ والشُّموسُ
على أنهُ كان أكثرَ ممَّا ترينَ بياضًا..
ولكنَّهم أحرَقوهُ مَعي..

الخروجُ دخولُ الشَّوارعِ للبيتِ فيما يَقصُّ علينا الكبارُ
فما أَرْتبَ البيتَ من دُونهم.. يا شقيقي!
وما أوحشَ البيتَ إن جئتَ خلفي!
الشَّوارعُ غائبةٌ عن موائدِنا منذُ موتٍ
لِأَخْرُجْ إذنْ خلفَ مَن خَرَجُوا..
وانتَظرْني هنا يا شقيقي المَساءَ
لتَحرُسَ بيتَ أبِينا؛
الخروجُ المجازيُّ ماتَ
ولا بُدَّ من واقعٍ للخروجِ إذنْ،
هكذا قلتُ، ثم اتَّجهتُ إلى السُّوقِ، حيثُ وجدتُكِ!
غبتُ.. اهترأتُ
وكان رِدائي القديمُ ارتداني
وأخلصَ لي.. لم يَبعني بِغَيري
ولم يلتفتْ لثيابِ الغَريبينَ تَرمقُني
لتُعيِّرهُ ببشاعةِ حالي
مشينا معًا.. واهتَرأْنا
وكان يُقاسمني في المشاويرِ كلَّ رصيفٍ وجُوعٍ..
تعِبنا تعِبنا.. وحين رُزقنا بأول أَجرٍ لنا
لم يكُن جَيبُهُ صالحًا لاحتمالِ النقودِ
فأودَعَها في يَدي!
هكذا خنتُهُ يا ردائي الجديدَ الشَّهيْ!
هكذا خنتُ نفسي مِرارًا.. وصالحتُها
هكذا كلَّما جئتِ كنتُ أُغافلُ قلبي
وأُعشِبُ فوق يدٍ لستِ عُكَّازَها.


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: