أخطأتُ المكان - ثائر زين الدين | القصيدة.كوم

شاعرٌ سوريٌّ. ثائر زين الشعر.


1545 | 0 | 0 | 0




قربَ بابِ المقصف الصاخبِ حَيّتْني،
وغابت لثوانِ.
رفَّ سربٌ من قطا،
فارتْ ينابيعٌ،
وغامَتْ في عيوني قسماتُ الناسِ،
غامَ البارُ والمرقصُ
- هل تذكُرُني؟ فكرتُ.
لا تذكُرُني؛ خمسةُ أعوام مَضتْ.
كمْ من ثلوجٍ كللتْ أهدابَ موسكو،
كَمْ رياحٍ كَنّست أحزانَها.
- لكنها حيّت؟!
- وغابت في فضاء البارِ خيطاً من دخانِ!
- ربما نمضي إلـى ركنٍ بعيد عن صراخِ الراقصينَ،
وعن دعاباتِ السكارى. قالَ أصحابي.
فسرنا ثْلّةً مشبوحةً،
نحو مكان ضائع في آخر الحانَةِ.
ألقينا بقايانا على صمتِ المقاعِدِ
ثمَ رددنا حديثاً فائضاً عن آخر الأحلامِ.
خمرٌ أرمنيٌّ دارَ فوق الطاولةْ،
وحديثٌ عن جيوش ربضت فوق الخليجْ،
عن مدينةْ،
باعت الأصحاب للغربِ،
ودهرٍ – بادَهَ الدنيا – غليظ القلبِ،
مقطوع اللسانِ.
- ليتها قالت: / وداعاً / قبل أن تتركني
ذات مساء بارد في شارع / الأرباتِ /،
/ ألقاكَ /. وغابت. وانتظرتْ.
رجعتْ كل النساءْ.
رجعتْ كل الطيورْ.
رجعتْ كل الفصول؛
خمسَ مرّاتٍ،
وحتى العاهراتْ
كُنَّ يرجعن صباحاً؛
وأنا أرقُبُها.
- من ترى يوقفهم إن دخلوا أرض العراقْ؟
من سيثنيهم بطيرٍ من بطونِ الكُتبِ،
ترميهم بسجيّلٍ؟
ومن يحجب بغداد بغيم أو دخانِ؟
همهم الأصحاب ألقوا كل ما في جعبة القلب من الأحزان،
لم ينتبهوا أن جداراً عالياً من عبق الرغبة ينمو،
ونساءً ... ربّما يحبسنَ أنفاس ليوثِ الغابِ،
حكن حولنا غيماً شذيّاً فاحشاً،
وقليلاً من أماني،
وتجرأنَ فقدنَ بعضنا للرقصِ،

فانهار جدارٌ قائمٌ في الروحِ.؛
لملمتُ عيوني من بقايا الحانةِ الغرقى بأصوات السكارى،
وتركتُ الصحبَ خلفي،
وخيالَ امرأةً جاءَتْ، ولكنْ أخطأتْ موعدَهاُ
خمسة أعوامٍ،
وذابتْ كالأغانيْ.
عصفتْ ريحٌ بقلبي،
وهمى ثلجٌ ،
فزرّرتُ ردائي.


لم تكن موسكو كما كانَتْ؛
فلا / الأرباتُ / أرباتٌ،
ولا الساحةُ حمراء،
ولا الناسُ كما أعرفهم من قبلُ.
أخطأتُ إذاً في الوقتِ،
أو أخطأتُ في هذا المكانِ.





الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: