حمام النِساء - ندى سلطان | القصيدة.كوم

شاعرة وصحفية وكاتبة عراقية وإعلامية وناشطة مدنية في مجال حقوق الإنسان (1985-)


91 | 0 | 0 | 0



في المساء
تجلِسُ أمي وجاراتها المتقاعدات
على طاولة المكائد
يتّفِقن للذهاب إلى السوق الكبير في المدينة
ودفعِ أجرةِ تاكسي مضاعفة
لشراء قراصاتِ شعر
على شكلِ فراشات ملونة للحفيدات
بعد دقائق .. تتغيرُ الخُطة
يتّفِقنَ لزيارة عيادة الأسنان لإدامة قوالب الأسنان المتحركة
بعدها بقليل.. تتغيرُ الخطة
(سنذهب إلى حمام النساء)
أجلِسُ بينهُن ، أتصفّحُ الفيسبوك
مازال حمام النساء يتصدر قائمة الأولويات
المكانُ الذي يُمكنُ أن تندلعَ منهُ ثورة برائحة البرتقال شتاءً
أو ثورة صيفية بطعمِ البطيخ
لا يهُم ... ما يهُم الآن أنّ العرض قائِم
تقودُهُ رغباتُ نساء ستينيات
أخذت منهُن الحياة أزواجاً كأشجار السنديان
ومنحتهُن بالمُقابِل حفنة أحفاد
يعبثون بسجادة الصلاة ، والمسبحة ، وطقم الأسنان المتحركة
يبحثون في الجزادين الصغيرة
عن (جكليتة) زهيدة الثمن لها طعمُ الجدة
ودفئُ صوتِها ، وخشونةُ كفّيها..
أتصفّحُ الفيسبوك...
أقرأُ خبراً عن مسبحٍ نسائي يفتحُ أسرارهُ للنساء
كُلّ سبت وثُلاثاء
أقترِحُ عليهِنّ الفكرة..
يرفُضنَ بشدّة
بحُجة أن البُقجة ممنوعة
وأنّ حارسات الأمنِ بغيضات
سيمنعن أمي وجاراتها من إدخالِ الكرزات والحلقوم
ولا يتمتعنَ بالاتيكيت كالمُدلّكة ذات الوجِه المُدوّر
زوجةُ الشهيد الذي قضى في حربِ الثمان سنوات
حارساتُ الأمن ليس لديهنّ قِصص
لا يعرِفنَ السرد ، ويضحكنَ بلُؤم ، ويسخرنَ من العجائِز
المُدلّكة بنتُ الحي ، نعرِفُها وتعرِفُنا
صباحاً.. تُنهي أمي وجاراتها فطورهُن..
يُعلنُ السائق وصوله
يحمِلنَ البُقجة والجزادين الصغيرة
تبدأُ المُغامرة لمُطاردةِ أحلامِ الصِبا المنسية على عتباتِ العُمر
رائحةُ البرتقال مصدرُ حُزن..
ستبكي أمي وهي تُقشِّرهُ كما كان أبي يفعلُ لأجلِها
ستتذكرُ هي وجاراتها كُلّ شيئ...
تُشاركهُن المُدلّكة.. ذات الوجهِ المُدوّر
زوجةُ الشهيد الذي قضى
وهو يبحثُ عن طريقٍ للعودةِ إلى جدائِلِها




الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)