راديسون بلو - بحر الدين عبدالله أحمد | القصيدة.كوم

شاعر سوداني (1984-)


138 | 0 | 0 | 0




(على خلفية زيارة لمدينة "دوشانبيهْ" عاصمة جمهورية طاجكستان)

أتناول وجبةَ البَيْضِ المَقْليِّ
وأجلس في باحة الفندق المُتثائبِ،
كسولةٌ هذي الفنادقُ
الآسيويّةُ
وضيّقةُ العينين عند الصباح
لكنّ عيونها تتسع
كلما دخلت فتاةٌ إلى الباحة،
بيدي كوبُ قهوةٍ وبعضُ مكسّراتٍ
على الطاولة تُواكبُ
إيقاع الوجوه المُرصّعةِ
بالنعاس والمللْ


يسألني النادلُ الصخّابُ كآلةِ "دي جيهْ"
وهْو يخطر في مشيةِ الأطفال المرحين
أتطلبُ شيئا يا سيدي؟
قلت كتاباً عن النهر الذي يرقد خلفنا
وصنارةَ صيدٍ تقليديةً
لأُلقي بها طعمة لحنٍ لتلك السمكةِ الجارحة
أيُّها؟
وهو يشير إلى عدد
من الطاولات الزرقاء
المحفورة بالأسماك النحاسيّة
قلت تلك السمكةُ
ذات الزعانف الوردية
التي تقفز في الطاولة المائيّة البعيدة
وتقشّر فستق جسدي
بأسنانها الصدفيّة الملساء
ما كنت أعلم أن أسماك الأنهار
تعشق التدخين
وتلمس بحراشفها البيضاء
شَعْرَ المقهى
إغواءً لك أيها الشاعرُ الزِّنجيُّ المفطومُ
بحليب اللغة الطاجيكيّةِ الرنّانةْ


إنك الان يا ابْن الليل
نجمٌ بهذا الصباح
لأن عيون الأسماكِ البدويّة تعشق
سُمرةَ الصخور المرتبكةْ
وألوانَ الشعب المرجانية الصارخة
كأزياء أهلِكَ في "فَتَّ بَرْنو"
ولأنك هنا تبدو
نادراً وجميلاً
كطفلٍ مصابٍ بالبُهاقِ
والدماملْ
هكذا الأسماكُ في كلّ بحار الدنيا
تعشق مواسم الهشاشةِ
لكنّها عندما تُصعق بالحُبِّ وتبيضُ
تغدو أجملَ
من أزهار إبْطَيْكِ يا حبيبةُ
عندما تُواكفها شلالاتُ العرقْ


ما زلتُ مُطرقاً
كعُلبةِ النفايات التي في المدخلِ
أسمع خفقاتِ الزجاج المُلَوّثِ بالحُزن
وأسنانيَ المُصفرّةُ التي
لم أسْتَكْها اليوم
تفوح برائحة القصائد والقهوة الماسخة ْ
لكنّما همومي تبدو برّاقةً
كدموع سفينةٍ خانها حديدُك الممشوقُ
لأجل عيون الزوارق الصبيّة
التي ترضع الموسيقى
وكنتُ لأكسرَ هذ الملل الطاعن في السنّ
أقلّب كتاب الليل
وأنا أرشف قهوتي
في الساعة العاشرة صباحاً
أروغُ إلى نجومه
أنظّف باحاتها الضوئيةَ
من عُلَبِ "الصودا" والمناديل المَلقيّةِ
مثلما تفعل عاملة النظافة التي
تمسح غبار اللاشيء في أرضيّةِ الرخام اللامعِ
وتوحي لسذاجة النزلاء
بأن راحة العميل صناعةٌ مُمْتعةٌ
وأن عمّال الفنادقِ
كتلك التي تمتهن الابتسامةَ
ليس لهم في هذا الفندق الراقي ذي السبعة نجوم
إلا المرايلُ الرماديةُ الأنيقةُ
وأدواتُ النظافة التي
يحملونها في حبٍّ
كموسيقارٍ يحمل آلاتٍ موسيقيّةً نادرةً
وباهظةَ الثمنْ


عما قليلٍ ستبدو
باحةُ الفندق الهادئ
كلما اصْطَخبَتْ موسيقى موظفة الاستقبالِ
كطائرة نفّاثةٍ
تجتاح سماءَ جزيرةٍ عذراء
ما زلت أقلّب كتاب الثمار المجفّفّة
والصناعات الخزفيّةِ
وأدوّن بعض ملاحظاتي
على نزق البرتقال النيّءِ
وأشْتِلُ رئتيَّ في صدركِ العارمِ
يا "دوشانبيهْ"
كي تتنفسَ أسماكُ البحار الميّتةْ
وكطائرٍ من فصيلةٍ نادرةْ
أُقَبِّلَ شفاهكِ
المِنْقارِيَّةَ الحُلْوَةَ
يا هازمةَ الإمبراطوريةِ الروسيّةِ
الحمْراءْ
ويا أوَّلَ خطوةٍ
في طريق الحريرْ





الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




دمعٌ على سجّادة الحب
( 1.2k | 0 | 2 )
إلى بابلو نيرودا
( 1.1k | 4 | 4 )
شموسٌ عاجيّة
( 1.1k | 5 | 1 )
مجازٌ لروحِ الهضاب
( 1k | 0 | 3 )
من نبإِ الحُجُرات
( 969 | 0 | 0 )
صدرٌ يتنزّى
( 938 | 0 | 2 )
للذي لم يخُنْ دم الأغنيات
( 929 | 0 | 1 )
منحدراتُ الكاكاو
( 779 | 0 | 2 )
رعشاتُنا البدوية
( 724 | 0 | 1 )
هشًّ كقلبِ مئذنةٍ
( 716 | 5 | 1 )
العطاّرون
( 714 | 0 | 0 )
لمعبد "جبل البَرْكَلْ"
( 673 | 0 | 0 )
قمحُ ما بعدِ الحداثة
( 645 | 5 | 1 )
أحفادُ المتاريس
( 633 | 0 | 0 )
تجاعيد
( 624 | 0 | 1 )
نزوح
( 584 | 0 | 0 )
قُدّاسٌ لأجل ّ"جورج فلويد"
( 536 | 0 | 0 )
نخبٌ لتمثال أبراهام لِينكون
( 531 | 0 | 1 )
يرقات
( 512 | 0 | 1 )
مخطوطة
( 402 | 0 | 0 )
حقيبة جلد لمارغاريتا
( 346 | 0 | 0 )
إلى الملاك الإكوادوري Leo Rojas
( 324 | 0 | 0 )
وتبارك ظهر الأوطان
( 212 | 0 | 0 )
باقة أزهار نووية
( 204 | 0 | 0 )
مشهد من بيروت
( 165 | 0 | 0 )
الحفيد
( 163 | 0 | 0 )
إطلالة مبحوحة
( 159 | 0 | 0 )
إلى شقيقي إبراهيم
( 156 | 5 | 0 )
مهاجرون إلى الأرض
( 150 | 0 | 0 )
صلاةٌ لأجل البلاد وعليها
( 136 | 0 | 0 )
في أعالي مِتْشِجان
( 134 | 0 | 1 )
باكو
( 133 | 0 | 0 )
أتبرّك بأقدامهن
( 132 | 0 | 0 )
حرية
( 132 | 0 | 0 )
يوم الجمعة: عير الجدّات
( 126 | 0 | 0 )
مدينة (جدة القديمة)
( 125 | 0 | 0 )
المصعد
( 121 | 0 | 0 )
جذور
( 121 | 0 | 0 )
إيفانا
( 114 | 0 | 0 )
زهرةٌ بريّة
( 113 | 0 | 0 )
الناس في أديس أببا
( 112 | 0 | 0 )
النيل الأزرق: (أرجوحة الدم العالية)
( 111 | 0 | 0 )
نافورة
( 102 | 0 | 0 )