إلى شقيقي إبراهيم - بحر الدين عبدالله أحمد | القصيدة.كوم

شاعر سوداني (1984-)


189 | 5 | 1 | 0



(إليه وهو أزكانا عريكةً وأبرُّنا بالأهل والتراب)

مَبْنيّاً من قصب السكّرِ
كان البيتُ،
وتلك (اللالوبَةُ)
تشهد أنَّا يا إبراهيمُ
قفزنا فوق جدار الأفراحِ



يا من تصطاد طيورَ الحكمةِ
من رمش الَجدِّ،
وتحمل عن أحلام الرفقةِ
ألف ثُلامٍ وجراح



كان الحيُّ ربيبَ الزمن (المَبْروكِ)
وكنتَ نحيلاً
لا كالصبيةِ تلعب في (الكوشةِ)
تركض في ماء الصرف
الصحيِّ العَذْبِ،
وتأخذ عن جدّك
ميراث القهوةِ كل صباحِ


هل تذكر يا مولايَ
ونحن حفاةً نتحسَّسُ
رمل الجَدّاتِ
وفي شُرفات الليلِ
نُعبِّأُ من نار (الشُلَّةِ)
أنفاسَ المصباحِ



ِوأنا ابنُ الخمسةِ
مشغوفاً بالحكمةِ والشيبِ
وبُحّةِ صوت البئرِ المسقوفةِ
بالحجر الجيريِّ
وطعم الأملاحِِ



كنتُ نديدَك يا إبراهيمُ
وكنتَ تُهشِّمُ ما أصنع
مِن عُلَبِ السارْدينِ
وتضحك آخُذُ حجراً
ملءَ القلب
وملءَ الراحِ







فأشجُّ بوجهك فَخَّار الضحكةِ
يملؤك الدَّمُ تبكي
أبكي
وتلمُّ جراحك أمّي وتضمُّك
باسمِ حنانٍ فَضَّاحِ



والان كهولاً عدنا للبيت فُرادى
يا إبراهيمُ
ولكنَّ البيت توارى
خلف الأحلامِ
وضجّتْ أحلامٌ أخرى
برياحي



وتوالى المدُّ
ومات الجدًّ
وصرنا أجداداً يا إبراهيمُ
فمن سيُجمِّعُ في الساحةِ أحلاماً
وجلودَ أضاحي







والحيُّ تغيّر يا إبراهيمُ كثيراً
فالملعبُ أصبح مصنع حلوى
وتغرَّبَ عن بيت الجدّ
خيولٌ
كانت تعرف يا "إبراهيمُ" قدوم العيدِ
فتهمس
في أُذُنِ الأطفالِ
وتملأ حنجرة الساحِ



وتروغ إلى الساحةِ
أفرحَ من شجر الحيِّ
إذا ما خِرفانُ العيدِ تدلتْ منها
وتنادى الفتيةُ (هذا الجلد لنا)
(هذا الجلد لنا)
وأبي يشرفُ من تحت الظلِّ
على قيثار الذبّاحِ



والموتُ جديداً كان
وكنا نخشى أن نخرج دون تعاويذِ الرفقةِ
واليوم خرجنا
دون تعاويذٍ للعالمِ
نرفل في مُدنٍ عجماواتٍ وضواحي



فمَنِ الان بَرَوْثِ الأبقارِ
سيدهن وجه حوائطنا الخضراء
ويفتح مجرى الماءِ هنالك
كل مساءٍ ممطورٍ بالخالاتِ
وبالعمّاتِ
وبالشغف المِمْراحِ



ومَنِ المحظوظُ برفقةِ أمّي للسوقِ،
ومن المحظوظُ بوجه (بُثَينَةَ)
وهي (تُقَنِّنُ) في رمَدِ العينين حليباً
وبريقاً مخضوضاً
في كل زفيرٍ مَقْلِيٍّ
بشهيقِ التفّاحِ



وترانا الان وقفنا
يا إبراهيمُ
بباب رسول اللهِ
وكلٌّ يحفر في القلب ينابيعَ كفاحِ






هل يكبر يا إبراهيم زمانُ القلبِ
وهذا القلب زمانٌ
مسطورٌ في خُلْدِ الخُلْدِ
وفي أزلِ الأرواحِ



والعمرُ فخاخٌ يا إبراهيمُ
ولا أحدٌ
ينقذ شهوتَه في أن يرجع طفلاً
بعد الموتِ
لينجو من هذا الفخْ



لكنْ قُلْ لي يا إبراهيمُ
وأنت نديدي
هل كلُّ شقيقٍ
يدركُ ما أُدركُ من معنى الإجلالِ
ويحفظُ في القلبِ
مكان الأخْ؟


يُقنّن: يغلي الحليب حتى تزكو رائحته وتفوح ويصير السائل أثقل مما كان عليه فيَحْلَوُّ مذاقه ويطيب




الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




دمعٌ على سجّادة الحب
( 1.3k | 0 | 2 )
إلى بابلو نيرودا
( 1.2k | 4 | 4 )
شموسٌ عاجيّة
( 1.2k | 5 | 1 )
مجازٌ لروحِ الهضاب
( 1.1k | 0 | 3 )
من نبإِ الحُجُرات
( 1k | 0 | 0 )
صدرٌ يتنزّى
( 976 | 0 | 2 )
للذي لم يخُنْ دم الأغنيات
( 961 | 0 | 1 )
منحدراتُ الكاكاو
( 815 | 0 | 2 )
هشًّ كقلبِ مئذنةٍ
( 763 | 5 | 1 )
رعشاتُنا البدوية
( 762 | 0 | 1 )
العطاّرون
( 751 | 0 | 0 )
لمعبد "جبل البَرْكَلْ"
( 708 | 0 | 0 )
قمحُ ما بعدِ الحداثة
( 679 | 5 | 1 )
أحفادُ المتاريس
( 672 | 0 | 0 )
تجاعيد
( 667 | 0 | 1 )
نزوح
( 620 | 0 | 0 )
نخبٌ لتمثال أبراهام لِينكون
( 568 | 0 | 1 )
قُدّاسٌ لأجل ّ"جورج فلويد"
( 567 | 0 | 0 )
يرقات
( 550 | 0 | 1 )
مخطوطة
( 433 | 0 | 0 )
حقيبة جلد لمارغاريتا
( 377 | 0 | 0 )
إلى الملاك الإكوادوري Leo Rojas
( 350 | 0 | 0 )
وتبارك ظهر الأوطان
( 247 | 0 | 0 )
باقة أزهار نووية
( 234 | 0 | 0 )
مشهد من بيروت
( 197 | 0 | 0 )
إطلالة مبحوحة
( 194 | 0 | 0 )
الحفيد
( 192 | 0 | 0 )
صلاةٌ لأجل البلاد وعليها
( 189 | 0 | 0 )
مهاجرون إلى الأرض
( 184 | 0 | 0 )
راديسون بلو
( 173 | 0 | 0 )
في أعالي مِتْشِجان
( 169 | 0 | 1 )
حرية
( 169 | 0 | 0 )
أتبرّك بأقدامهن
( 165 | 0 | 0 )
مدينة (جدة القديمة)
( 162 | 0 | 0 )
باكو
( 161 | 0 | 0 )
يوم الجمعة: عير الجدّات
( 155 | 0 | 0 )
المصعد
( 154 | 0 | 0 )
جذور
( 150 | 0 | 0 )
إيفانا
( 150 | 0 | 0 )
النيل الأزرق: (أرجوحة الدم العالية)
( 147 | 0 | 0 )
الناس في أديس أببا
( 146 | 0 | 0 )
زهرةٌ بريّة
( 146 | 0 | 0 )
نافورة
( 135 | 0 | 0 )