أَوَاخِرُ الخَرِيفِ فِي قَرْيَة بِلَا أَشْجَار - أحمد الرويعي | القصيدة.كوم

شاعر سعودي (1994-)


423 | 0 | 0 | 1





هَذِهِ وِحْدَتِي،
وَشَأنيَ شَأنُ البئرِ
لابدَّ مِنْ نبيٍّ لأقنَعْ..

إنَّها العتمةُ النَّقيَّةُ
والضوءُ سلاحُ العدوِّ
كي أتزعزَعْ!

مطَرٌ داكِنٌ،
بيوتٌ من الملحِ،
وأبوابُ كالتوابِيْتِ تُشَرَعْ

وأناسٌ بلا وجوهٍ
يمرُّونَ وأطفالُ معدمونَ ورضَّعْ..

إذ يمرونَ من خلالِي
كأنِّي أبْصِرُ الصَّوتَ أو بعينَيَّ أسمَعْ!

ظمأٌ في النُّتوءِ
والطَّيرُ تنمو حولَهُ
والغصُونُ منه تُفَرَّعْ

والدَّمُ الأصفرُ الحريريُّ
ينسابُ على المرمر البرِيءِ
فيلمَعْ

ويحلُّ البردُ المخادِعُ
في الصَّدْرِ
ويغدو ثغرُ التفاصِيلِ أوسَعْ

ويصابُ الكمانُ بالبؤسِ
إما أن تثورَ الأوتارُ
أو تتقطَّعْ!

يا انتصارَ الذُّبولِ
عند التداعِي
ثمرُ الرَّغبَةِ الخفيَّةِ أينَعْ

كانتشاءِ السّقوطِ
قبلَ التقاءِ القاعِ
بالآخرِ الذي يتصدَّعْ

كالمَمَرِّ السِّريِّ
بين وجودينِ
سرابٌ عجوزُ بالكادِ
ينبَعْ!

كالقواريرِ وهي في عنُقِ الخيْبَةِ
مملوءةٌ بما العين تَدْمَعْ

مُهْدَرٌ يَا سَمَاءُ
فَالْتَقِطِي السّكِّينَ
واستغفلِي الجريحَ
لتُنزَعْ

سيطولُ الصُّراخُ..
والجرحُ كالحانَةِ للذكرياتِ
إذْ تتسكَّعْ

ويَلُوْحُ النِّسْيَانُ
مِثْلَ قُطَارٍِ
كُلَّمَا أَدْرَكَ المُحَطَّةَ أسرَعْ!

ورقٌ يابِسٌ..
نسيمٌ خريفيّ
ونهرٌ إلى مصبَّينِ يُدفَعْ

ويدٌ في المدى تنظِّفُ هذا القمرَ الحجريَّ كي يتشعشعْ

نَفَقٌ في الزجاجِ
من حافَّةِ الدهشَةِ يُودِي
لحافَّةِ المتوقَّعْ

إنَّها فِتْنَةُ الثّباتِ،
تماثيل من الشّمعِ
ترقب الشمسَ تطلَعْ

وعيونٌ مذعورةٌ تنظرُ البابَ
وأيدٍ بنغمَةِ الثأرِ تَقْرَعْ..

وإذا الخارجيُّ ينهال في الداخلِ..
ينهالُ بالهواءِ المُصَنَّعْ!

ذلك الفارغُ المليءُ
ككأسٍ بينَ ظمأى
كوردةٍ فوقَ مَصْرَعْ

والذي يُتَّقى فيُنسى
وما كانَ لِيُنسى
ولا أرادَ لِيُمنَعْ

الضَّجِيجُ الحكيمُ
مِنْ لجَّةِ البحرِ
احتراماً لساحلٍ يتوجَّعْ

تقِفُ الرِّيحُ في القمِيص
ويدَنْو - التَّائقُ المطمئنُّ - مِنْهُ فَيُخدَعُ!

وتسيلُ الظِّلالُ ما بينَ أقدامٍ تحثُّ الخطى..
وأقدام تَتْبَعْ





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.