0 تقييم
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
(إلى عمر أبو ليلى)
لا تُسَمِّ بلادَكَ ،
يكْفي بأَنْ يَنْظُرَ المَرْءُ في
مُقْلَتيْكَ
ليَعْرِفَ تلكَ البلادا !
لا تُفسِّرْ أَساطيرَها المُشْتهاةَ
ليَفْهمَها الغُرَباءُ ..
تَخُصُّكَ وحْدَكَ هذي الأَساطيرُ
وحْدَكَ تَفْهَمُ صَلْصالَها الحيَّ
ثُمّ جديرٌ بما فيكَ مِنْ روحِها
أَنْ تكونَ ابْنَ مَرْيَمِها
وجديرٌ بما فيكَ من طيرِها
أنْ تعيشَ طويلاً طويلاً .. وأَلّا تُصادا
أنتَ أَعلى مَعارجِها كوكبًا فاتنًا
ثُمّ أَصفى ينابيعِ وديانِها بَسْمَةً قد
تُذاقُ
وأَنْقى حَصاها .. فُؤادا
لا تُسَمِّ بلادَكَ إذْ
وَحْدَهُ اللّهُ يَعْلَمُها
عُشْبَةً عُشْبَةً
وحَصاةً حَصاةً
كما وحْدَهُ مَنْ يَبِرُّ ابتِهالاتِها
حينَ تَسْجُدُ بينَ يَدَيْهِ
وتَرْفَعُ أَشْجانَها المُثْقلاتِ
مُرادًا .. مُرادا
رُبّما اللّهُ يُلهِمُ هذي الطّيورَ اسْمَها عندَهُ
يُلْهِمُ النّحْلَ :
"واتّخِذي
مِنْ جبالِ الجميلةِ هذي بُيوتًا
ولا تُرهِقي زهْرَها الغَضَّ لَثْمًا
ولا .. تُزْعِجيهِ اعْتيادا "
وحْدَهُمْ كُلُّ أَوْلادِها مَنْ
يَشِبّونَ عن طَوْقِها باكرًا ..
باكرًا يَرْحلونَ
ولا يَلْبَثونَ هُنا، حَسْوَ
طيرٍ منَ الطّيْرِ ، إلّا
مُخاجَلَةً .. أَوْ عِنادا
لا تُسَمِّ بلادَكَ ...
نَنْظُرُ في مُقْلَتيْكَ
فَنُلْهَمُ ما اسْمُ البلادِ ،
ونُخْفيْهِ عنها وعنّا
مُجاهَدَةً .. واجْتهادا
لا تُؤجِّلْ مُداهمَةَ الغيبِ :
شُدَّ فؤادَكَ مُنْتبهًا كالقَطا
ثُمّ شُدَّ على كتِفَيكَ السّحابَ
لِيُخْفيْكَ عنهمْ
وخُذْ نَفَسًا مِلءَ كُلِّ رئاتِ اليتامَى
وَشُدَّ هناكَ الزِّنادا
داوِ هذي الحياةَ بما فيكَ من
ألَمٍ
هوَ أَكْبَرُ منها كثيرًا .. كثيرا
داوِها يا فَتاها المُعلَّمَ
ثُمّ انْتَصِرْ بالمَماتِ أَخيرا
وجُزْ لحياتكَ .. سَبْعًا شِدادا
* * * *
وقْتٌ إِضافيٌّ لِيَمْتلِئَ القَفيرْ
وقتٌ إِضافيٌّ لوردتهِ المُضيئةِ /
كانَ يَحْلُمُ أَنْ ينامَ هُنيْهَةً في
وقْتِهِ العَسَليِّ ..
سُلَّمُنا طويلٌ – رُبّما مَلَلٌ أَصابَ
عيونَهُ في العالمِ السُّفْليِّ ..
والمَلَلُ انتصارُ الوردةِ الحمراءِ
حينَ تعيشُ في أَوْراقها سهْوًا
لِتُكْمِلَ نفْسَها في شَعْبِها بوجودِهِ
الأبَديِّ .. في المعنى الكبيرْ
وقْتٌ إِضافيٌّ لِنَظْرَتِهِ الحَيِيّةِ /
لمْ يُوَدِّعْ أُمَّهُ في يومهِ الموعودِ للدِّفْلى
ولكنْ نامَ في حِضْنِ الجميلةِ قَبْلَ
يومينِ .. انْتصارًا للطّفولةِ :
"غَنِّ لي، يا أُمُّ ، أُغنيَتينِ عن شَعْري
وعن حُرِّيَّةِ الزّيتونِ والأطفالِ
في البَلَدِ الأَسيرْ
وقْتٌ إضافيٌّ لدمْعَتِهِ الخفِيّةِ /
" غَنِّ لي ، يا أُمُّ ، يَنْمُ العشْبُ في
جسَدي على الطّلِّ الشّهِيِّ بِبُحّةِ
الإِيقاعِ ..
تَسْطَعْ في دمي سُحُبُ العَبيرْ
لمْ يَنْتَمِ العُصفورُ في قلبي لحِزْبٍ
غيرِ ما اخْتارَ الإلهُ لهُ منَ الأَشْجارِ ...
تجْهَشُ نجْمةٌ فوقَ التّلالِ فأَنْثَني
أَلَمًا على كَبِدي
وأَمْسَحُ دَمْعَها بيدي
ونعناعِ الحقولِ ...
وكُلُّ عائلتي نجومُ اللّهِ ، أَعْرِفُها
شهيدًا تِلْوَ آخَرَ
لنْ يكوْنَ .. هوَ الأَخيرْ
ولرُبّما أَجّلْتُ موتي ليلَتينِ لكي أُسَدِّدَ
دَيْنَ أَصْحابي ، رجاءً سَدِّدوا
دَيْني لهُمْ إمّا عَجَزْتُ
وسامحوا الولَدَ الفقيرْ "
شُكرًا لأُمِّكَ /
وَسّعَتْنا بَهْجَةً
إِذْ أَوْسَعَتْ فيكَ المدى
شكرًا لِلَحْمِكَ إذْ تَفتّتَ
إِذْ تَناهَبَهُ النّدى
شكرًا لِظِلِّكَ
إذْ تَبخّرَ في الرّصاصِ وفي الصّدى
لِفُتاتِ حُلْمِكَ بعْدَ موتِكَ ..
نازِفًا فوقَ السّريرْ
اخْترْتَ يومًا دافئًا لتموتَ فيهِ بِلا
وداعٍ
ثُمّ أَبْقيْتَ القلوبَ/ قلوبَنا
مرجوفةً .. في الزّمْهريرْ
شكرًا لقلبِكَ /
لمْ أَنَمْ مِنْ ليلَتَينِ
لأنّ كَوْنَينِ اسْتعَدّا ها هُنا
للإنفجارِ بأَرْضِ قلبِكَ ،
أرضِ أُمِّكَ يا حبيبَ بلادِها
وحبيبَ إخْوَتِها الطّيورْ
شكرًا لبسْمَتِكَ النّقيّةِ /
لمْ يَرِثْها – فَرْطَ ما هيَ عَذْبةٌ –
إلّا الغديرْ
* * *
ناري ونارُكَ رُبّما ..
ناري .. ونارُكْ
في آخِرِ اللّيلِ الأَخيرِ هناكَ
تأْكُلُها معًا – في العَصْفِ –
أَشجاري
وأشجارُكْ
والنّاجيانِ هُما أَنا
والهالكانِ هُما أَنا
فَلِأَيِّ أَوْجاعي تُؤَجِّلُني الحياةُ
ولا يُبادِرُني بِدارُكْ ؟!
الآنَ .. منْتَصِرًا على الدُّنيا ومُنْهَزِمًا
أَسيرُ
ولا
يُصادفُني مَسارُكْ
والآنَ
أَوْضَحُ ما تكوْنُ الأَرْضُ
حينَ يثوْرُ في أَكْنافِ
مَقْدِسِها .. غُبارُكْ
أَنتَ انْتصَرْتَ مُبَكِّرًا
وأَنا انْكَسَرْتُ مُبَكِّرًا
في الحالتينِ : هُما انْتصارُكْ
هذا الغيابُ فجيعتي وَحْدي
لماذا شاركَتْني فيه أمَّتُنا
وأَوْلادي .. ودارُكْ ؟!
هذا البُكاءُ تَعِلَّتي وحْدي
لماذا أَرْضُ كَنعانَ القديمةُ كُلُّها
تَبْكي معي ،
والنّاسُ تَبْكي
حينَ لمْ يَطْلُعْ نهارُكْ ؟!
شكرًا لقلبِكَ في القلوبِ وفي
النّدى
جيرانُ وحْشَتِنا هُنا في الأرضِ نَحْنُ
وأَنتَ جارُ اللّهِ
والفِردَوسُ جارُكْ
ناري ونارُكَ رُبّما
ناري .. ونارُكْ
. .
الآنَ يَخْتَنِقُ الرّجالُ بِغَصّةٍ
لكنّهُ
مُتَرَنِّمٌ أَبَدًا هَزارُكْ
والآنَ كُلُّ الأُمّهاتِ يَذُبْنَ مثْلَ
غمامةٍ .. تَلِدُ المَدى
وَلَدَتْكَ أَنْتَ غَمامةٌ بيضاءُ
أَتْعَبَها انتظارُكْ
تَقِفُ الطُّيورُ لكي تُودِّعَ صِنْوَها
ومُثَقَّبًا مثْلَ الطّيورِ وعاريًا
يَنْسَلُّ للأعلى فؤادُكَ
وهْوَ في الدُّنيا .. إزارُكْ
الآنَ قلْبُ الأَرْضِ مَكمودٌ ومُنْفَطِرٌ
وأَنْتَ هُوَ السّعيدُ
يُضيءُ ليلَ بلادِنا الصّافي نُثارُكْ
في أَوّلِ الفَرَحِ الخفيفِ
مَضَيْتَ مُبْتَعِدًا
ولمْ تَحْفَلْ بأَوْجاعي ولا دَمْعي
وليسَ ليَ اصْطِبارُكْ !
ويَدُلُّ كُلَّ النّاسِ عُشْبُ بلادِهم لربيعِهمْ
ويَدَلُّنا لربيعِنا – بِبِلادِنا - نُوّارُكْ
في جُرْحِنا وَجَعُ البلادِ على تَخاصُمِ أَهْلِها
ولَرُبّما اصْطَلَحوا قليلًا
كي يُتَمِّمَ عُرْسَ حاضِرِهِ احْتِضارُكْ
مِنْ فَرْطِ ما نَنْسى نَسِيْنا
أَنْ نُزوِّجَهُ بِبِنْتٍ !
آسِفونَ لأَنّنا نَنْسى كثيرًا يا بُنيَّ
وآسِفونَ وآسِفون
فَلَمْ نكُنْ نُصْغي لِنَسْمَعَ أَنّةَ
الأَشْواكِ فيكَ وأَنْتَ تَكْبَرُ في
الحقولِ
وغامِضٌ كبلادِنا صَبّارُكْ !
الخاطئونَ هُمُ الكِبارُ
هُمُ الأَنانيّونَ ،
هُمْ مَنْ يذْبحونَ بلادَنا لبِلادنا !
خُذْهُمْ إذًا بجريرةِ الجهْلِ العظيمِ إذا
أَرَدْتَ
وإنْ أَرَدْتَ اغْفِرْ لَهُمْ
أَهْلوكَ هُمْ .. وهُما قَرارُكْ
كمْ فاتَ قلبي أَنْ تُعلِّمَهُ الكثيرَ
وأَنْ تقولَ – وأَنتَ تَبْسِمُ - :
مَرْحبًا يا "عَمُّ" ...
كمْ قد فاتَ "عَمَّكَ" أَنْ تكونَ لإبْنِهِ
- يومًا – صديقًا !
فاتَنا يا "عَمَّ عَمِّكَ"
أَنْ يَشِعَّ .. بِقَلْبِنا الفاهي نُضارُكْ
بِطَريقِ قلْبِكَ للسّماءِ
سَتَرْمُقُ الدّنيا بلا أَسَفٍ /
بلادُكَ تحْتَ قلبِكَ كُلُّها
وبلادُ قلبِكَ فيهِ !
أَيُّ بلادِنا في الحَضْرَتيْنِ بلادُنا ؟
أَيُّ الرّبيعَيْنِ الجميلَينِ اخضرارُكْ ؟!
لا تَعْتْذِرْ للّهِ عنّا أَيُّها
الولَدُ الجميلُ ،
لَسَوْفَ نَخْجَلُ إنْ فَعَلْتَ
وسوفَ يُوْجِعُنا اعْتذارُكْ
ناري ونارُكَ كُلُّها ..
ناري ..
ونارُكْ