يا نجمي .. يا نجمي الأوحد - صلاح عبد الصبور | القصيدة.كوم

شاعر ومسرحي ومحرر مصري، يعتبر من رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي (1931-1981)


612 | 5 | 0 | 2



ها أنت هنا، أشرقت على موعد
يا نجمي، يا نجمي، الأوحد
يا فرحي، يا عمري الأسعد
وأنا أخطو نحو الدار
قلبي المشبوبُ، وقد أغفت
في صدري باقةُ أزهارِ
وسنجلس في الركن النائي.. قطين أليفين
مقرورينِ
نتحسّسُ ما أبقت أيامُ الذل على وجهي المكدود
وعلى خديك من الألم الممدود
يا نجمي، يا نجمي الأوحد
ما زلنا – ما زال العالم
ما زال كئيباً، ما زالا
وأنا أصعد
وأدق على صدرِ الباب
ويجيبُ الصوتُ المجهود
"إن كنت صديقاً فتقدّم"
وأقول "سلاما"
وأنا لا أملك من دنياي سوى لفظ سلام
وجلسنا في الركن النائي ...
نحكي ما قد صنعته الأيام
ونما في قلبينا مرح مغلول الأقدام
مرح خلاب كالأحلام
وقصير العمر
هل يضحك يا نجميَ إنسان مقصوم الظهرْ
يا نجمي ...
فلنتناجى،
ولنتحسس ما أبقت أيام الذل
ولأن الأيام مريضة
ولأن الليل الموحش يولد فيه الرعب
تعتلّ كليمات الحب

يا نجمي، يا نجمي الأوحد
ما يصنع قِزمان التقيا في ظل مساء؟
منهوكين
وعليلين
نظرا في استحياء
عرفا الأيامَ الممرورة
وأنين النفس المكسورة
وسعار الدمّ المذنب حين يحن إلى الدم
لفحت أيام الرعب رُواءَهما حتى شاها
وذوى في عينهما زهو الفطنة
عريا من بزّة هذا العصر المشهود
صَغُرا، صغرا، حتى دقّا
حتى صارا قزمينِ
مقرورين
ثم التقيا في ظل مساء
في قلب العاجز ماذا يُلقي العاجز
ماذا يهب العريان إلى العريان
إلا الكلمة
والجلسة في الركن النائي،
قزمين ودودين
صَغُرا، صَغُرا، حتى دقا
في قلب العاجز ماذا يلقي العاجز إلا الحب المعتل
مسحت صدر الشباك أصابعُ ريحٍ شرقية
وتوهج قلبانا من شيء يولد في الظلمة
فتلاصقنا
وتعانقنا
ثم خبا، لم ندرك شيئاً
وتهدل كفّانا، أغضت
عينانا، أذرفنا دمعة
يا أيتها الريح .. الريح الشرقية
يا .. يا وهج الدفء
عودا! أوصدنا بابينا
وعرفنا أنا قزمان
مقروران
من خيركما لم ندرك شيئا
وداعاً يا نجمي الأوحد
ولأن الأيامَ مريضة
ولأن الليل الموحش يولَدُ فيه الرعب
لن نجني .. حتى الحب





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.