قَميصُ آدَم - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


172 | 0 | 0 | 0





مَشاكِ كثيراً والدروبُ تُماطلُهْ
فَتى من قديمِ الحزنِ ما جَفَّ وابلُهْ

سَعى في الجباهِ السُّمرِ يحملُ قمحَهُ
وكان المدى كفّاً تطيشُ مناجلُهْ

أرادَ طريقاً يُشبهُ الماءَ وجهُهُ
بذاكرةٍ عذراءَ تَنمو سنابلُهْ

وما وقَفَتْ رجلاهُ إلا بغربةٍ
بريداً وحيداً لا سواهُ يُراسلُهْ

تُغربِلُهُ الأيامُ كُلّ خسارةٍ
وغربالُها سيفٌ تهوّرَ حاملُهْ

فما في يديكِ الآنَ إلا مُحاربٌ
غزيرُ الشَظايا والرياحُ تحاولُهْ

فَلُمّي بَقاياهُ التي ظلَّ بعضُها
كَنايٍ يُغنّي الجمرَ والجمرُ آكلُهْ

وكُوني بلاداً تُلبِسُ الحربَ شالَها
يعودُ إليها ما اسْتراحَ مُقاتلُهْ

تَعلّمْتُ مِنهُ العومَ في بئرِ وحدَتي
وكنتُ كثيراً في الظلامِ أُبادلُهْ

وكانَ شَفيفاً يستَحي الجرحُ جِلدَهُ
طَريّاً كماءِ النهرِ ما خافَ نازلُهْ

وكانَ يَرُدُّ الميّتينَ لِطينِهم
خِفافاً، ويَشقى بالحمولةِ كاهلُهْ

بَياضٌ كضوءِ الشمسِ ما ضمَّ كَفَّهُ
إذا احْتاجَهُ كونٌ أضاءتْ أناملُهْ

هُوَ الوطَنُ الماضي، وما مَرَّ بعدَهُ
بِنا وطنٌ شِبهٌ، ولا ما يُماثلُهْ

هُوَ البذرةُ الأولى نَسينا سِقائَها
فما ظلَّ منها غيرُ ما كان باذلُهْ

وما نحنُ إلا قاتلوهُ حَقيقةً
ونُخفي، فهل تُخفي السحابَ هواطلُهْ؟

مُصابونَ بالدُنيا ويالَمصابِنا
على زخرفٍ بالٍ قضَينا نُحاولُهْ

نُعينُ يَدَ الدُنيا التي أسرَجتْ لَهُ
خُيولاً بمضمارِ الحياةِ تُشاغلُهْ

فطاحَ على وجهِ الطريقِ مُبللاً
وطعْناتُهُ، رغمَ الدماءِ، تُجادلُهْ

تَركناهُ في حضنِ المساميرِ، كُلّما
تَراءى لِعينٍ، مُوجَعاً، تتَجاهلُهْ

نَسيناهُ مَصلوباً بِأقلامِ شَكِّهِ
وأعيَتْ يقينَ الحبرِ حَلاً مسائلُهْ

فصارَ قَميصاً والغَواياتُ جذعُهُ
ستُلقيهِ في عينِ الرياحِ غوائلُهْ

يُدوِّنُ في لوحِ النهاياتِ سطرَهُ
ويَغدو وقد لُفّتْ عليهِ حبائلُهْ

ويَبني بحضنِ الماءِ عمراً مُمَرّداً
تَناسى بأنّ الموتَ عَطشى معاولُهْ

فَيا حسرةَ المقتولِ إن ضاعَ عمْرُهُ
ويا حسرةً أخرى إذا عاشَ قاتلُهْ



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: