طُفولةُ حَربْ - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


96 | 0 | 0 | 0




في العامِ الخامسِ من هذا التّيهِ
انْفتحتْ نافذةُ الحربِ
على أنهارِ مدينتِهِ
فتَساقطَ جلدُ الماءِ على يَدِهِ
وتخشّبَ شريانُ الوقتِ

كانَ صغيراً
حين انْسلَّ وراءَ أخيهِ
إلى المدرسةِ
حين تسمّرَ عند البابِ
لِيُصغي
لنشيدِ العلمِ المرفوعِ
ويحلُمَ
بالكتُبِ المملوءةِ بالألوانِ
ورائحةِ الممحاةِ
وبالطبشورِ الزّيتي

كانَ صغيراً
حين تهَجّى عند النهرِ بريدَ الماءِ
وألقتْ فيهِ الشمسُ سَمارَ أبيهِ
وحين تعلّمَ كيف يُلملِمُ
في كفّيهِ
نداءَ اللهِ من المِئذنةِ

كانَ صغيراً
حين ابْتسمتْ
بنتُ الجيرانِ لِقَفشتِهِ
فتَطايرَ سربَ حَمامٍ
بفِناءِ البَيتِ

كان صغيراً
وَهْوَ يلوذُ بحضنِ الجَدّةِ مرعوباً
من صوتِ الغارةِ
حين اشْتدّ القصفُ
وشقَّ جدارَ الصوتِ
كانَ يظنُّ
بأنّ سكاكينَ الحربِ
ستخجلُ من لحمِ الأطفالِ
ستتركُهم يَحْيَوْنَ طَويلاً
حتى يجِدَ اللهُ إليهم
سبباً للموتِ

كانَ صغيراً
حين تُوزّعُ سياراتُ الحِملِ
بريدَ الشُهَداءِ
لأهلِ الحيّ وتتركُهم
مُبتلينَ بماءِ الصمتِ

حين ينامُ الأسرى والمفقودونَ
بكاملِ بزّتهم في الباصاتِ
ويقفزُ من جيبِ المعطفِ
وجهُ صغيرٍ
أو شعرُ امْرأَةِ

كانَ صغيراً
حين انْتهت الحربُ الكبرى
نامَ قليلاً
واسْتيقظَ معْ بعضِ الشيبِ
مَفزوعاً
والحربُ الأُخرى
هذي المَرّةُ وسْطَ البيتِ





الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)