الدخول إلى العالم - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


156 | 0 | 0 | 0






هل تكذِبُ المرآةُ؟
أَمْ أَنّ وجهَكَ يا صغيرُ
تخونُهُ القسَماتُ؟

حدّقْ مَلياً
ربما تجدُ الطريقَ
إلى خُطاكَ
جهاتُ

هذا المبعثرُ في الزجاجِ
صديقُنا
كم كنتَ تنزفُهُ
وكنتُ أقودُهُ للموتِ
لما تشتهيهِ حَياةُ

هل تكذِبُ المرآةُ؟
أَمْ أنه شبَهٌ قديمٌ
ظلَّ يخلطُ بينَنا
وأنا وأنت ومَن نَراهُ على الزجاجِ
رُفاتُ؟

مَنْ أنت؟
مَنْ هذا الذي المرآةُ
تسجنُهُ هناكَ؟
ومَنْ أنا؟
مَنْ نحنُ
يا ربَّ المساكينِ الذين تَكدّسوا
في التيهِ
من زمنِ الخطيئةِ
أَتعَبوا ذاكَ الصغيرَ
ومَنْ أَراهُ على الزجاجِ
وأَتعَبوني

لا تَلَّ يقبلُني
وذاكَ الشيخُ في أعلى السفينةِ
غاضبٌ
ويقولُ للطوفانِ:
(هذا ليس مِنْ أهلي)
وكُلَّ الصاعدينَ على السفينةِ
أَنجبوني

من نحنُ يا ربَّ اليَتامى
الذابلينَ على عُيوني؟

الهابطينَ
على يباسِ الخوفِ
أجنحةً من البلّورِ
والأفُقُ المُعبّدُ بالفؤوسِ
طريقُهم
فتَوسّدوا ريحَ الشُكوكِ
وماتوا


والآنَ
مَنْ مِنّا سيَعرفُ ما الحقيقةَ؟
مَنْ سيذكرُ
مَنْ تَسرّبَ أولاً مِنْ جلدِنا؟
مَنْ مَرّرَ السكّينَ
مُنتَشياً
على وتَرِ الكَمنجَةِ
كي تصيحَ مِنَ الأسى
مِمّنْ مَشى
دربَ الغيابِ
وصدرُهُ ناياتُ

مَنْ راودتْهُ زليخةٌ
فَأَبى
وظلَّ بقاعِ ذاكَ البئرِ
ينهشُهُ الظلامُ
وأهلُهُ
في الحَيِّ يَشغلُهم
سباقٌ خاسرٌ
وحَياةُ

مِمّنْ تورّطَ بالخزائنِ
والمفاتيحُ التي في جيبِهِ
ناءتْ بحِملِ ذنوبِها القمصانُ
وامْتَلأتْ يَداهُ كواكباً
بَيْنا بِكَفّ الطفلِ
في البئرِ القديمِ
حَصاةُ


مَنْ عادَ مِن تابوتِهِ
طفلاً
تُقدّسُهُ البحارُ
يَذودُ عن أُنثاهُ
مِن عطَشِ البلادِ
وتَرتمي في كَفّهِ الآياتُ

مِمّنْ تجَبّرَ
في المدائنِ
حاملاً
سيفَ القبيلةِ في يَدٍ
وعَصاً
تهُشُّ مَآربَ الأُخرى
ويَنبُتُ مِن عَصاهُ
طُغاةُ

مَنْ قد أقامَ جدارَ طفلينِ
اسْتباحَ اليتمُ ضوءَهُما
وظلَّ على الحديقةِ حارساً
ضحكاتِهم
حتى تَورّدَ في جبينِهِما
الزمانُ وأزهرتْ أوقاتُ

مِمّنْ يمُدّ الموتَ سكيناً
على نحرِ الغلامِ
يضيقُ بالعمرِ المؤثّثِ بالطفولةِ
يخنُقُ الأحلامَ
حتى سالَ من عينِ الغلامِ
الوقتُ والضحكاتُ


مَنْ نحن يا أسماءَنا
يا وجهَنا
المبتلَّ من خجَلِ الفَراديسِ التي
ألقتْ سنابلَنا
على عطَشِ المناجلِ واخْتفتْ
أم أنّنا
مِن قبلِ أوزارِ البدايةِ
ها هُنا أَمواتُ؟

هل تكذِبُ المرآةُ؟
يا ليتَها
تَمحو الوجوهَ فنَستريحُ
وَليتَنا
نَحيى
وفوق رؤوسِنا
مِمْحاةُ





الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: