ويَسقطُ خاتَمُها في الرمالْ - عبدالله سرمد الجميل | القصيدة.كوم

شاعر عراقي (1993-)


125 | 0 | 0 | 0




إلى خديجةَ بنتِ خُويلدٍ
- رضِيَ اللهُ عنها –


على هَودَجٍ تستريحُ خديجةْ ،
كلؤلؤةٍ تحتبي في المَحَارةْ ،
تُصاحِبُها نجمةٌ في الفلاةْ ،
ووجهٌ غريبٌ بقدحِ الحجارةْ ،
***
ويسقطُ خاتَمُها في الرمالْ ،
ويعلو ابتهالاً حُداءُ الجِمالْ ،
تُلِحُّ صديقتُها في السؤالْ:
خديجةُ هاتِي البِشارةْ ،
خديجةُ هاتِي البِشارةْ ،
نبيّاً أراهُ يجيءُ إليكِ بصوتِ المطرْ ،
وقبلَ صلاةِ البشرْ ،
يُصلِّي عليهِ النباتُ، الجمادُ – الحجرْ ،
***
وقالوا لهُ: يا مُحمَّدْ ،
خديجةُ أكبرُ منكَ سنينا ،
وليست ببِكْرٍ ،
وإنّا لنخشى عليكَ الشقاءْ ،
إذا ما عَلِمْتَ بأطفالِها السابقينا ،
فقالَ: سأحنو عليهم وأحنو عليها ،
وهل يعرِفُ الحبُّ عُمْراً ودِينا ؟!
***
تُغنّي خديجةْ:
إلى الشامِ يسعى نسيمُ القوافلْ ،
حبيبيَ أحمدُ خيرُ الرجالْ ،
عليهِ أغارُ وقلبي عنادِلْ ،
تُسبِّحُ من نورِ هذا الجمالْ ،
***
تقولُ خديجةْ:
وكانَ إذا ما مضى للمغارةْ ،
أُعِدُّ لهُ صُرّةً من طعامْ ،
كأُمٍّ رَؤُومٍ حَنُونْ ،
فيخلو عن اللهوِ والعالَمينْ ،
يراقبُ لونَ السماءِ الحزينْ ،
وتُوقَدُ في خافِقَيهِ الظنونْ ،
وحينَ يعودُ أُواسيهِ بالكِلْمةِ الطيبةْ ،
وأتركُهُ فوقَ حِضني ينامْ..
***
( ألَا دثِّريني خديجةْ ) ،
( ألَا دثِّريني خديجةْ ) ،
يصيحُ محمدْ ،
وقد نالَهُ الرَّوعُ لمّا أتاهُ بوحيٍ ملاكٌ ،
وألقى عليهِ السلامْ ،
بكلِّ هدوءٍ ،
خديجةُ تُمسكُ كفَّ النبيِّ ،
تُمسِّدُ بالماءِ ضوءَ الجبينِ ،
وتُلقي عليهِ هديلَ الحَمامْ ،
***
يقولُ ابنُ نوفلْ:
ستَخضرُّ أرضٌ عليها مشى ،
نبيٌّ أمينٌ يتيماً نشا ،
بهالةِ نورٍ يضيءُ القلوبَ ،
وبالحبِّ يُذكي لهيبَ الحَشا ،
أرَقُّ منَ الغيثِ عندَ الصباحِ ،
وألطَفُ من نسمةٍ في العِشا ،
وكلُّ فمٍ إذ يصلّي عليهِ ،
تراهُ بمِسكِ الجِّنانِ انتشى ،
***
تقولُ خديجةْ:
يَصبُّ النبيُّ مياهَ الوضوءِ بكفّي ،
فأشعرُ أنّ المياهَ تَشِفُّ ،
فليست تُشابهُ كلَّ المياهْ ،
يُصلِّي أمامي ،
فيبكي وأبكي ،
وفي الروحِ يعلو نداءُ الإلهْ ،
***
وتبكي رُقيّةُ بعدَ الطلاقْ ،
وذي أُمُّ كُلثومَ تشكو الفِراقْ ،
خديجةُ تأخذُ قلبَيهما بالعِناقْ ،
تُواسيهما والدموعُ تُراقْ ،
لِحبِّ النبيِّ ،
ودينِ النبيِّ ،
نُميِّزُ بينَ الهوى والنفاقْ ،
***
وتمضي السِّنُونْ ،
خديجةُ ظلُّ النبيّْ ،
كزوجِ الحَمامِ بعُشٍّ يُقاسي هبوبَ الرياحِ العَتِيّْ ،
ورِزقٌ هوَ الحبُّ ،
لولاهُ ماذا نكونْ ؟!
وقد طالَ فيهم حِصارُ الشِّعابْ ،
وجاعُوا وذاقُوا رغيفَ العذابْ ،
تقولُ خديجةْ:
حبيبي محمدْ ،
حديثُكَ زادي ،
وفيكَ ابتدائي وفيكَ مَعادي ،
أُحبُّكَ، أنتَ البياضُ الوحيدُ بهذا السوادِ ،
أُحبُّكَ لكنْ يحينُ ابتعادي ،
أرى جنةً من قَصَبْ ،
بلا صخبٍ أو نَصَبْ ،
وداعاً حبيبي..
وداعاً..
وداعاً..
ويبكي النبيّْ..





الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)