0 تقييم
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
ويَسقطُ خاتَمُها في الرمالْ
0
إلى خديجةَ بنتِ خُويلدٍ
- رضِيَ اللهُ عنها –
على هَودَجٍ تستريحُ خديجةْ ،
كلؤلؤةٍ تحتبي في المَحَارةْ ،
تُصاحِبُها نجمةٌ في الفلاةْ ،
ووجهٌ غريبٌ بقدحِ الحجارةْ ،
***
ويسقطُ خاتَمُها في الرمالْ ،
ويعلو ابتهالاً حُداءُ الجِمالْ ،
تُلِحُّ صديقتُها في السؤالْ:
خديجةُ هاتِي البِشارةْ ،
خديجةُ هاتِي البِشارةْ ،
نبيّاً أراهُ يجيءُ إليكِ بصوتِ المطرْ ،
وقبلَ صلاةِ البشرْ ،
يُصلِّي عليهِ النباتُ، الجمادُ – الحجرْ ،
***
وقالوا لهُ: يا مُحمَّدْ ،
خديجةُ أكبرُ منكَ سنينا ،
وليست ببِكْرٍ ،
وإنّا لنخشى عليكَ الشقاءْ ،
إذا ما عَلِمْتَ بأطفالِها السابقينا ،
فقالَ: سأحنو عليهم وأحنو عليها ،
وهل يعرِفُ الحبُّ عُمْراً ودِينا ؟!
***
تُغنّي خديجةْ:
إلى الشامِ يسعى نسيمُ القوافلْ ،
حبيبيَ أحمدُ خيرُ الرجالْ ،
عليهِ أغارُ وقلبي عنادِلْ ،
تُسبِّحُ من نورِ هذا الجمالْ ،
***
تقولُ خديجةْ:
وكانَ إذا ما مضى للمغارةْ ،
أُعِدُّ لهُ صُرّةً من طعامْ ،
كأُمٍّ رَؤُومٍ حَنُونْ ،
فيخلو عن اللهوِ والعالَمينْ ،
يراقبُ لونَ السماءِ الحزينْ ،
وتُوقَدُ في خافِقَيهِ الظنونْ ،
وحينَ يعودُ أُواسيهِ بالكِلْمةِ الطيبةْ ،
وأتركُهُ فوقَ حِضني ينامْ..
***
( ألَا دثِّريني خديجةْ ) ،
( ألَا دثِّريني خديجةْ ) ،
يصيحُ محمدْ ،
وقد نالَهُ الرَّوعُ لمّا أتاهُ بوحيٍ ملاكٌ ،
وألقى عليهِ السلامْ ،
بكلِّ هدوءٍ ،
خديجةُ تُمسكُ كفَّ النبيِّ ،
تُمسِّدُ بالماءِ ضوءَ الجبينِ ،
وتُلقي عليهِ هديلَ الحَمامْ ،
***
يقولُ ابنُ نوفلْ:
ستَخضرُّ أرضٌ عليها مشى ،
نبيٌّ أمينٌ يتيماً نشا ،
بهالةِ نورٍ يضيءُ القلوبَ ،
وبالحبِّ يُذكي لهيبَ الحَشا ،
أرَقُّ منَ الغيثِ عندَ الصباحِ ،
وألطَفُ من نسمةٍ في العِشا ،
وكلُّ فمٍ إذ يصلّي عليهِ ،
تراهُ بمِسكِ الجِّنانِ انتشى ،
***
تقولُ خديجةْ:
يَصبُّ النبيُّ مياهَ الوضوءِ بكفّي ،
فأشعرُ أنّ المياهَ تَشِفُّ ،
فليست تُشابهُ كلَّ المياهْ ،
يُصلِّي أمامي ،
فيبكي وأبكي ،
وفي الروحِ يعلو نداءُ الإلهْ ،
***
وتبكي رُقيّةُ بعدَ الطلاقْ ،
وذي أُمُّ كُلثومَ تشكو الفِراقْ ،
خديجةُ تأخذُ قلبَيهما بالعِناقْ ،
تُواسيهما والدموعُ تُراقْ ،
لِحبِّ النبيِّ ،
ودينِ النبيِّ ،
نُميِّزُ بينَ الهوى والنفاقْ ،
***
وتمضي السِّنُونْ ،
خديجةُ ظلُّ النبيّْ ،
كزوجِ الحَمامِ بعُشٍّ يُقاسي هبوبَ الرياحِ العَتِيّْ ،
ورِزقٌ هوَ الحبُّ ،
لولاهُ ماذا نكونْ ؟!
وقد طالَ فيهم حِصارُ الشِّعابْ ،
وجاعُوا وذاقُوا رغيفَ العذابْ ،
تقولُ خديجةْ:
حبيبي محمدْ ،
حديثُكَ زادي ،
وفيكَ ابتدائي وفيكَ مَعادي ،
أُحبُّكَ، أنتَ البياضُ الوحيدُ بهذا السوادِ ،
أُحبُّكَ لكنْ يحينُ ابتعادي ،
أرى جنةً من قَصَبْ ،
بلا صخبٍ أو نَصَبْ ،
وداعاً حبيبي..
وداعاً..
وداعاً..
ويبكي النبيّْ..