أمٌّ بقلبِ نبي - أنس الدغيم | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب وناشِط سوري مقيم في تركيا (1979)


379 | 5 | 0 | 0



على مَسافةِ قَلبٍ مِن عِناقِ نبي
كانت تَمُرُّ على الدُّنيا بقلبِ أبِ
كانت تُخَبِّئُ حتّى عن نواظِرِها
مِن سِرِّ ضحكتِهِ نَهْراً مِن العِنَبِ
كانت تقولُ: يمُرُّ الغَيمُ مُنقبِضاً
يَفْتَرُّ حين يراهُ الغَيمُ عن كَثَبِ
هُناكَ عندَ سُفوحِ الظِّلِّ تُبصِرُها
حَمّالةَ الحُبِّ لا حَمّالةَ الحَطَبِ
فيها مِن الماءِ ما في الماءِ مِن مطَرٍ
فيها من الشّمسِ ما في الشّمسِ مِن ذهَبِ
فيها مِن الحُبِّ ما لم تَحْوِهُ كُتُبٌ
والحُبُّ أكثرُهُ ما ليسَ في الكُتُبِ
نَقِيَّةُ الرُّوحِ والأخلاقِ، طاهرةٌ
طُهرَ النَّدى ونَقاءَ الماءِ في القِرَبِ
كان الصّباحُ على وعدَينِ مِن يَدِها
مَسْحٍ على القلبِ أو مَسْحٍ على التَّعَبِ
فالمُتعَبونَ إذا ناءَتْ كواهِلُهم
أوَوا إلى ظِلِّ أنثى أو ظِلالِ نَبيْ
ما زمَّلَتهُ بِثَوبٍ مِن مَلاءَتِها
إلّا وغَطَّتْهُ قَبْلَ الثَّوبِ بالهُدُبِ
(حاشا يَسوؤُكَ يا بنَ العَمِّ رَبُّكَ) قا
لَتْها وهَزَّتْ على الملهوفِ بالرُّطَبِ
كان الفؤادُ كبيراً والنبيُّ على
حالٍ من البَرْدِ أو حالٍ مِن الرَّهَبِ
تلَمَّسَتْه بِعَينَيها ودثَّرَهُ
منها حَنانُ أَبٍ أو أُمْنِياتُ صَبي
والأمُّ في لحظةٍ أو لحظتَينِ معاً
تُعطي على سَببٍ، تُعطي بِلا سَببِ
وللأُمومةِ مِن دِفءِ النُّبوّةَ ما
يُجثى لِدِفءِ مَعانيهِ على الرُّكَبِ
كانتْ له البَيْتَ حتّى كان مسجدَها
فالجِسمُ في أرَبٍ والرُّوحُ في أرَبِ
وكانتِ الشِّعْبَ حين الكُلُّ حاصرَهُ
والمُستَراحَ إذا اسوَدَّتْ دُجى الخُطُبِ
وما قلَتْهُ على ضَرّاءَ أو سَعَةٍ
أو ودَّعَتْهُ على سَرّاءَ أو نَصَبِ
وكانتِ الحضنَ والسُّكنى بِمُفردِها
إذ كُلُّ مَن حَولَهُ كانوا أبا لهَبِ
وناصَرَتْه بِما تَقْوى لِأنّ لَها
قَلْباً بِغيرِ رَسُولِ اللهِ لم يَذُبِ
وطَمْأَنَتْهُ وقالَتْ: لا تخيبُ ومَنْ
يطرُقْ على اللهِ بابَ اللهِ لم يَخِبِ
خديجةٌ، لِجلالِ اللَّفظِ أجنحةٌ
تطيرُ أعلى كأسرابٍ مِن السُّحُبِ
تَخْضَرُّ منه فيافي مكّةٍ ويُرى
وجْهُ الجزيرةِ خَصْباً أخضرَ العُشُبِ
وقد تُرَدُّ صحاري الأرضِ مُمْرِعَةً
إذا تَنفَّسَ في الصحراءِ قَلْبُ نَبي
بي لَثْغَةُ الطِّفلِ، بي عَجْزُ الكَليلِ وبي
عيُّ الفصيحِ عن القَولِ الفصيحِ وبي
ولا تقومُ بِحَقِّ الوَصْفِ ألْسِنَةٌ
ولا منابِرُ صاغَتْ أروعَ الخُطَبِ
وكيفَ توصَفُ والرّحمنُ بشَّرَها؟
فالنَّهْرُ مِن عَسَلٍ والبَيْتُ مِنْ قَصَبِ
جِبريلُ أقرأَها مِنهُ السَّلامَ فَما
أسماهُ مِن رُتبةٍ تسمو على الرُّتَبِ
تفديكِ كلُّ نِساءِ العالمينَ وما
فَدَيْنَ أرفعَ في عِزٍّ ولا نسَبِ
والعُذْرُ منكِ إذا جاوَزْتُ قَدْرِيَ في
جَنَابِ قَدْركِ أو قَلَّلْتُ مِن أَدَبي


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




أنتَ الكتابُ وكُلُّنا قُرّاءُ
( 1k | 5 | 2 )
الجوديّ
( 347 | 0 | 0 )
سميتُك الشّعرَ الحنيف
( 339 | 0 | 0 )
الصّنَم
( 314 | 0 | 0 )
سكَّرٌ مِنَ الحِجَاز
( 309 | 5 | 0 )
الغار
( 275 | 0 | 0 )
فصلٌ من سيرةٍ ذاتيَّة
( 248 | 0 | 0 )
عِمتُم جلالاً أيها الشّهداءُ
( 241 | 0 | 0 )
المنفى
( 236 | 0 | 0 )
أحبُّكَ
( 236 | 0 | 0 )
‏قابَ شمسَين
( 231 | 0 | 0 )
قلبي دمشقيٌّ
( 228 | 0 | 0 )
والتين والزيتون
( 227 | 5 | 2 )
من رسالةٍ إلى أبي بكرٍ الصديق
( 220 | 0 | 0 )
لا تصالح
( 218 | 4 | 0 )
رسالةٌ إلى قيادات الثّورة في سوريا
( 214 | 0 | 0 )
يا أمّة إقرأ
( 213 | 0 | 0 )
الرِّهان
( 209 | 0 | 0 )
الشّاعر السّاهر
( 209 | 0 | 0 )
من القدس إلى بغداد
( 207 | 0 | 1 )
سيُروى عنك يا بلدي
( 203 | 0 | 0 )
بين الجُبِّ و ما يخفى
( 202 | 0 | 0 )
هو البيتُ العتيق
( 201 | 0 | 0 )
يا مكَّةَ العشّاق
( 201 | 0 | 0 )
و أمّا بعدُ
( 200 | 0 | 0 )
قال ليَ اليزيد
( 199 | 5 | 0 )
أمُّ القصائد
( 195 | 0 | 0 )
بينَ الكافِ والنونِ
( 193 | 0 | 0 )
في هجير النّفس
( 192 | 0 | 0 )
بَيني وبينَكَ
( 191 | 0 | 0 )
أنس نامة
( 189 | 0 | 0 )
أَحَدٌ أحَد
( 189 | 0 | 0 )
للقدس
( 188 | 0 | 0 )
يا قبلة الشهداء
( 187 | 0 | 0 )
يا قادسية أشواقي
( 185 | 0 | 0 )
لا تصنّفني
( 184 | 0 | 0 )
إنّي رأيتُ اليأسَ كُفرا
( 181 | 0 | 0 )
‏أضأتَ لهم
( 178 | 0 | 0 )
يا شاعرَ العشق
( 178 | 0 | 0 )
الصّولَجان
( 176 | 0 | 0 )
في رثاء شيرين أبو عاقلة
( 172 | 0 | 0 )