يا قادسية أشواقي - أنس الدغيم | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب وناشِط سوري مقيم في تركيا (1979)


111 | 0 | 0 | 0



إليك تحملني الأشواقُ والفكرُ
و في سواكَ يضلُّ السمعُ والبصرُ
وعند سيفك تنمو قاصراتُ دمي
و يسقط البغيُ في الدنيا ويحتضرُ
ويشربُ البحرُ من أطرافه ديماً
و عنه موجُ بحار الكفرِ ينحسرُ
وعند بابك حطّ الرّحلَ عاشقكم
فامننْ عليه بكأسٍ منكَ تُعتصرُ
لم تروني جارياتُ الأرض من ظمأٍ
و من فيوضك يَروى البحرُ والعفرُ
يا قبلةَ المجدِ إنْ ضلّت ركائبنا
يوماً وماج على أطرافها الخطرُ
يا كعبة الشوق والأرواح طائفة ٌ
حول الحمى وشراب الحبّ يختمرُ
قالوا كفاك مغالاة ً فقلت لهم
البحر أنت وأنت الشمس والقمرُ
قالوا تجاوزتَ حدَّ المدحِ قلتُ لهم
قصّرتُ في المدحِ والغفرانَ أنتظرُ
ركبتُ برَّ جراحاتي وسرتُ دجىً
إلى رحابكَ فاجتاحتْ دمي العبرُ
وخضتُ في بحركَ اللّجيّ معتمراً
و شطرَ بابكَ روح الأرض تعتمرُ
أبحرتُ أبحثُ عن شطآنِ عزّتنا
فأين شاطئكَ الرّيّانُ يا عمرُ؟
أبحرتُ أبحثُ عن حدٍّ لخارطتي
و عندَ نعلكَ حدُّ الأرضِ يَختصرُ
ماذا أقول؟ أعرني منك ذاكرة ً
تدور بي وعلى النسيان تنتصرُ
ما عادَ تسعفني في القول قافيتي
وكان يجري على أوراقيَ المطرُ
ضاقتْ حروفي عن المطلوبِ فاعتذرتْ
على حياءٍ وإنّي اليومَ أعتذرُ
غنّتْ مكارمَكَ الأقلامُ لاهبة ً
فضاق ما قال فيك النّاسُ أو نثروا
فرُحتُ أنسجُ في مدحيكَ أغنية ً
على ذراها يتيهُ اللّحنُ والوترُ
فأنت حين يموجُ الوردُ من نَسَمٍ
أنت النسيمُ وأنت الطائفُ العطرُ
وأنت حين يهزُّ السيفَ ذو غضبٍ
ذؤابة ُ السيفِ لا يُنسى لها وطرُ
إذا سلكتَ طريقاً راحَ ملتمساً
سواه إبليسُ يعلو وجهَه ُ الخدرُ
أسلمتَ منتصراً لله فارتجفتْ
أطرافُ مكة َ والأحزابُ قد ذعروا
هاجرتَ والسيفُ ملءُ الكفّ قبضتُه
فمالَ كبرُ أبي جهلٍ ومن حضروا
من للسيوف سوى الفاروقِ؟ إنْ برقتْ
في كفّه هوتِ الأصنامُ تنتحرُ
وفارَ تنّورُك العمريُّ فارتحلتْ
قوافلُ الشركِ لا ذكرٌ ولا خبرُ
أنذرتهم غضبَ الصحراءِ مِن عربٍ
فما استجابوا ولا أغنتهم النذرُ
فهزَّ قيصرَ من يرموكنا هممٌ
فمالَ واحترقتْ من تحته السّررُ
والقادسيةُ ماستْ في معارجها
فما لرستمَ في تاريخنا أثرُ
ومالَ إيوانُ كسرى الفرسِ إذْ نزلتْ
أرضَ المدائن من خيل الهدى زمرُ
من ذا يواجهُ شيئاً من عزائمنا؟
يوماً إذا قبّلتْ أسيافها مضرُ
الله يا عمر الفاروق كنت لنا
شمساً فأتعبهم في وهجها العُمُرُ
وكنت أنت قضاءَ الله في دمهم
و من يردّ قضاءً كلّه قدرُ؟
مشتْ بسيرتك الأيام ذاهلة ً
ترنو إليكَ فأوهى طرفها النظرُ
ما كنت تلبس أثواباً مذهّبة ً
و لا تدلّت على أطرافك الدّررُ
وإنما هو ثوبٌ كلّهُ مِزَق ٌ
بردٌ من الخيشِ ِ يربو خيشَه الوبرُ
إدامكَ الخلُّ مع خبز الشعير فهل
أفادَ قيصرَ حلوى الروم والجُزُرُ؟
رقاعُ ثوبك آياتٌ مطهّرة ٌ
تُتلى وثوبك سفرٌ كلّه سورُ
ما اهتزّ سيفك إلا حُركت أممٌ
و اهتزّ فوق ثراها الماء والشّجرُ
وتغضبُ الغضبةَ العصماء جامحة ً
فيرجُفُ الفرسُ والرومانُ والخزرُ
يخافكَ الخوفُ حين الناس منه على
خوفٍ ويحذرُ نجوى سيفكَ الحذرُ
يا سيدي قلم الحيران أتعبه
طولُ المسير وأشقى حرفَه السفرُ
وإنما انا حرفٌ حين يرسلني
في مدحكَ الحبُّ يدمي طرفيَ الخفرُ
يا قادسيّة َ أشواقي وقافيتي
و اغرورقت بدموعي عينُ محبرتي
خجلى وملُّ فؤادي الرّاحُ والسّمرُ
لمّا تبرّأ من أوراقيَ السّحرُ
يا قادسيّة أشواقي بأيّ فم ٍ
أشكو إليك وفي الآلام أنغمرُ؟
وكنتُ أنشِدُ أشعاري بأندلس ٍ
فكلّ ميْتٍ بأرض ِ الهند ينتشرُ
وكان حينَ تهزّ الشامُ حربتها
فالشرقُ مفتخرٌ والغربُ منتصرُ
وحين تبرقُ في بغداد ألوية ٌ
فالقيروانُ بثوب النصر تأتزرُ
يا قادسية أشواقي وكيف لنا
إذا رغبتَ عن الأشواق مصطبرُ؟
يا قادسية أشواقي تعال تجدْ
" بغداد " يمحو شذاها الفاجرُ الأشرُ
على خطا خالدٍ سارتْ جحافلهم
و فوق مقلةِ سعدٍ مُزّقَ القمرُ
يا بن الوليد جيوشُ الفرس قد رجعتْ
يا سعدُ رستمُ والأغيار قد ظهروا
أين الرماح إذا الفاروق حرّكها
ماجت على الأرض منها البيد والجزرُ
وخيله العدوياتُ التي صعقتْ
من تحت مشيتها الأحجارُ والمدرُ
فعين بغداد تبكي قادسيّتكم
و الأرض باكيةٌ إذْ عافها النّهَرُ
مات الفراتُ فلا أرضٌ تداعبه
و ودّعتْ دمَه الألواح والدّسرُ
وفي فلسطينَ آلامٌ ومجمرةٌ
من الدماء وأرض القدس تستعرُ
تسبى النساء فتغشاهنّ من سقَطِ ال
يهود غاشيةٌ تندى لها الفطرُ
والقدس خيطُ دخانٍ في مواقدهم
و نحن من حولها أودى بنا السّدرُ
وتستبيح حمى اقصاكَ جمهرةٌ
من اليهود على هاماتنا عبروا
وساء تكبيرة الإحرام نائبة ٌ
إذْ مُزّقت في رؤى محرابها السورُ
ونام مليارنا المخمورُ تصفعه
من الخنازير كفٌ كلها وضرُ
يا سيّدي رحل الرّبّانُ فانجرفتْ
سفينةُ القوم نحو القاع تنحدرُ
وغاب عطرُ رياضٍ كنت صاحبها
و استوحش الكوثر الرقراقُ والثمرُ
لكنّ فينا رجالٌ ليس تأخذهم
في الله لومةُ من لاموا ومن مكروا
وإنّ فينا قلوباً ما تزال على
أحفادكَ اليوم في الأقصى وموعدهم
عهد الرسالة لتا ينتابها خورُ
مع الرّسول فلا ينبو لهم حجرُ
فكلّ ساعاتهم صفرٌ إذا وردوا
و كل ساعاتهم صفرٌ إذا صدروا
هم منك جاؤوا فلا والله ما هدأتْ
لهم نفوسٌ ومن أنفاسهم شذرُ
هم مثل سيفك لا ينبو له طرفٌ
و مثل خيلك لا تودي بها الحفرُ
يمشون للموت مثل السّيل خاضعة ً
له الدروب فما يبقي ولا يذرُ
في صدر واحدهم قلبٌ لو انتفضتْ
منه العروقُ لخافتْ قربه سقرُ
حزامه قدرٌ في صدره وله
من تحت قبضته زرّ ٌ له شررُ
باع الحياةَ فمسٌ من أصابعه
نارٌ و" تلّ أبيبَ " الجمرُ والسّعرُ
يا سيدي يا أمير المؤمنينَ لقدْ
أحبّك الله فانقادت لك الظُّهُرُ
لا خيرَ فيمن له من حبكم قِسَمٌ
و لا يؤرّقه في حبكَ السّهرُ
كتبتُ فيك فعذراً إنْ أسأتُ فقدْ
أنبئتُ أنّ ذنوب الحبّ تُغتفرُ
يا سيدي يا أبا حفصٍ صغيراتٌ
هي النفوسُ إذا قيستْ بك البشرُ
إنْ كان للبحر مدّ ٌ حينَ ثورتهِ
فمدُّ بحركَ في أرواحنا عمرُ

من ديوان : حروفٌ أمام النّار


الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




أنتَ الكتابُ وكُلُّنا قُرّاءُ
( 683 | 0 | 0 )
سميتُك الشّعرَ الحنيف
( 246 | 0 | 0 )
الجوديّ
( 236 | 0 | 0 )
الصّنَم
( 210 | 0 | 0 )
سكَّرٌ مِنَ الحِجَاز
( 200 | 5 | 0 )
الغار
( 195 | 0 | 0 )
أمٌّ بقلبِ نبي
( 195 | 5 | 0 )
فصلٌ من سيرةٍ ذاتيَّة
( 157 | 0 | 0 )
أحبُّكَ
( 154 | 0 | 0 )
‏قابَ شمسَين
( 150 | 0 | 0 )
قلبي دمشقيٌّ
( 150 | 0 | 0 )
والتين والزيتون
( 139 | 5 | 2 )
عِمتُم جلالاً أيها الشّهداءُ
( 137 | 0 | 0 )
رسالةٌ إلى قيادات الثّورة في سوريا
( 136 | 0 | 0 )
الشّاعر السّاهر
( 134 | 0 | 0 )
المنفى
( 130 | 0 | 0 )
لا تصالح
( 128 | 4 | 0 )
من القدس إلى بغداد
( 128 | 0 | 0 )
هو البيتُ العتيق
( 126 | 0 | 0 )
يا مكَّةَ العشّاق
( 125 | 0 | 0 )
بين الجُبِّ و ما يخفى
( 124 | 0 | 0 )
و أمّا بعدُ
( 123 | 0 | 0 )
من رسالةٍ إلى أبي بكرٍ الصديق
( 121 | 0 | 0 )
في هجير النّفس
( 120 | 0 | 0 )
يا أمّة إقرأ
( 117 | 0 | 0 )
أَحَدٌ أحَد
( 115 | 0 | 0 )
أمُّ القصائد
( 114 | 0 | 0 )
الصّولَجان
( 113 | 0 | 0 )
لا تصنّفني
( 113 | 0 | 0 )
للقدس
( 112 | 0 | 0 )
يا شاعرَ العشق
( 110 | 0 | 0 )
سيُروى عنك يا بلدي
( 109 | 0 | 0 )
إنّي رأيتُ اليأسَ كُفرا
( 107 | 0 | 0 )
قال ليَ اليزيد
( 106 | 5 | 0 )
الرِّهان
( 106 | 0 | 0 )
في رثاء شيرين أبو عاقلة
( 105 | 0 | 0 )
بينَ الكافِ والنونِ
( 104 | 0 | 0 )
أنس نامة
( 104 | 0 | 0 )
يا قبلة الشهداء
( 103 | 0 | 0 )
‏أضأتَ لهم
( 101 | 0 | 0 )
بَيني وبينَكَ
( 99 | 0 | 0 )