جزءٌ من النص المفقود - محمود الطويل | القصيدة.كوم

شاعر سوري يعمل في الإعلام (1989-)


392 | 5 | 2 | 2




قَعَدَتْ بزاويَةٍ وحُزْنٍ مريمُ
ورضيعُها من جوعه يَتَكلَّمُ!

وأتى الحواريّون حين بدا لهم
من عندها لله يعلو سُلَّمُ

جاعوا.. ولا نخل هناك تهزّه
والريح جاءت كالصليب إليهمُ

الباحثون عن التراب
بمنطق الغيم الذي ما فيه ماءٌ يُكتمُ

الواقفون كأنهم لم يقتلوا
وجراحهم في كل مرآةٍ.. فمُ

لا ذِبحَ يفْديِهمْ..
أبوهمْ كاذبٌ
تاهوا بوادٍ قدسوه وأحرموا

والخوف أدلى دلوه في بئرهم
ويفيض يوسف حين بئرٌ يحلمُ
وقميصُهم كم حاكم قد قدّهُ
والسجنُ بعد السجن يأكل منهمُ

لم يحملوا أوراق توت رايةً وطنيةً
حين الجميع لها انتموا

لا هدهدًا بالسر أخبر جوعهم:
(بلقيسُ تطبخُ سمَّكم).. فتسمموا

لم ينفلق بحرٌ لهم
وعصاهمُ شاخَتْ..
ولو هشوا الهوا تتحطّمُ

كم سامري عِجلُهُ لم يغرهم
لم يصعدوا طورًا لكيلا يندموا

لم يتبعوا الخِضرَ الشريدَ..
فكلما وثقوا به يأتي بما لا يُفهَمُ

سئموا انتظار مخلّصٍ فتكسّرت
بلّورة قالت لهم: (لن تسلموا)

السائرون على بقايا نزفهم
إن السلامة عندهم ما يؤلمُ

كتبوا على اللوح القديم صمودهم
هي هكذا الأقدار حين تُقسّمُ

لم يعقدوا تعويذة لبلادهم
كذب الذي فوق التراب يتمتمُ

قطعوا مشيمة عجزهم بغنائهم
وعلى مقامات الرصاص تيتّموا

وإذا بكت أمٌ لديهم مرة
فاضت لنا في كل شبرٍ زمزمُ!

وتقمصوا الزيتون كي يتجذروا
فالريح وهمٌ والجهات جهنم

والموت تفاح الخلود
وكلنا في شهوة العيش المؤجل آدمُ

وقفوا كمنتصف الطريق رسالةً
نخشى وصولًا والخطى تتألم

مثل الجنين وأمه إذ أجهضت
ما الفرق؟ حين يصيح حرًا.. يعدمُ

هذا مقام توجّهٍ
فاترك صلاة المتعبين فإن عشقك أعظمُ

من ماء وجهك كم توضأ خائفٌ
ما يوجع الأمواه أن يتيمموا

إن الطريقة والطريق تشابها
في البدء كنت.. وأنت ما لا يُختَمُ

وعرجتَ نحوكَ
كلُّ شيء خلوةٌ
وكخفة المعنى تجلى المغرمُ

وكقاب جوعين العروش
فكلما أدمنت جوعًا قلما تستطعم

إن الوصول بأن تعيشَ محاولًا
إن المحاول وحده لا يُهزم

تبقى شغوفًا
كالموسيقى نابضًا
وتهزّ أشجار الرؤى.. وتلملمُ

تسّاقط الأحلام للأعلى
فتلمع كلما حركت غصنًا أنجمُ

هذا هو الثمر المقدس لم يزل
في كف من هجر الجنان يبرعمُ

منذ اتساعك لم تسعك حكايةٌ
إن ضاقتِ الكلمات ضاقَ المعجمُ

تجتاحُكَ الألوانُ.. أنت مزيجُها
في أُهْبَة الرسامِ كان المَرسَمُ

كنا ككل العاشقين توهّمًا..
في نية العشاق أن يتوهموا

في نية النايات قبل ثقوبها
أن تنفخ الأحزان كي يترنموا

نحن الفُرادى..
جوعنا استثناؤنا
كالأنبياء نضيع حين نُعمَّمُ

مهما يُترجمُنا الغريبُ يخونه
ما ليس في جوع المجاز يُترجَم

كالضوء نسعى لم نحدد ظِلنا
في لحظة الكشف المؤرق نُعتم

كالماء لا لونٌ ولا طعمٌ لنا
والعرش فوق الماء يغريه الدمُ



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: