سَرَطان - مهند ساري | القصيدة.كوم

شاعرٌ أردنيٌّ (1968-) يحمل الدكتوراة في الأدب العربي. قصيدته مشغولةٌ. يتخفّى عن الأنظار، ليكونَ أول من ينحسر الماءُ عنه لحظة انتهاء الطوفان.


171 | 0 | 0 | 0



..........
◌ : خُذْ دَواءَكَ في وَقْتِهِ./
قال : أَمْرَضَني الوَقْتُ، يا صاحِبي.
إِنَّ وقتي، على هذه الأرضِ، دائي
ولكنّني أَتَلَبّثُ فيها على ما تَرى
ثُمّ أَقْطَعُها مَرَضًا مَرَضًا ...
هكذا يَقْطَعُ الجسمُ هذي
الحياةَ الصّغيرةَ وهْيَ تُقَطِّعُهُ !
ليسَ للنّفْسِ، بينَ بَلاءَيْنِ
مِنْ .. فُرصَةٍ للشِّفاءِ !

قُلْتُ : فاحْمِلْ وُجودَكَ، مِثْلي، على
ما تُهَيِّئُهُ دابّةُ الإستعارةِ يا صاحبي،
هكذا قَطَعَ الشُّعَراءُ الحياةَ
على ما تَحَمَّلُ فيها المعاني مِنَ
الوَجَعِ الضّخْمِ
وانْفَرَدُوا
بالغِناءِ .. لهذا الشَّقاءِ

قالَ : لكنّني لستُ مِنْهُمْ !
ولَمْ أَكْتُبِ الشِّعْرَ، يَوْمًا، ولا
النّثْرَ !
ماذا سأَفْعَلُ بالسّرَطانِ إِذًا ؟!
فارتَبَكْتُ /
وأَخْوَفُ ما أَتَخَوّفُهُ، إذْ أُحاوِرُهُ،
فِطنَةٌ
أُذْكِيَتْ ، كُلُّها ، بالذَّكاءِ
وآنَسُ ما كنتُ آنَسُهُ منهُ
طِيْبَتُهُ
فهْوَ – ما ذُقْتُهُ –
مَزْجُ رُوحٍ .. بِشَهْدٍ وماءِ

وتَبَسّمَ لي صاحبي لِيُخَفِّفَ عنّيَ :
لا تَرتَبِكْ ؛
ليس بي مَرَضٌ بالقِراءَةِ مثْلَكَ
لكنّ أُمِّيّةَ المَرءِ كافيةٌ
للحياةِ وللموتِ
كافيةٌ .. لِلبُكاءِ

قُلْتُ : إِنْ كانَ لا بُدَّ، فاقْبَلْهُ
واجْعَلْهُ مثْلَ الرّفيقِ الثّقيلِ ...
سَتَحْمِلُنا دابّةُ الإستعارةِ – نحنُ الثّلاثةَ–
حتّى يَخِفَّ الوُجودُ بنا وعلينا
ويُؤْذِنَنا ، بَعْدَها ، بالتّنائي
فَتَبَسّمَ ثانيةً
وتَمَلْمَلَ مِنْ وَجَعٍ في العِبارةِ ، أَو جِسْمِهِ !
وهناك تَغَطّى بِسِتِّ مَجَرّاتِ جَمْرٍ
ولكنّهُ ظَلَّ مُرتَجِفًا تَحتَها !
هكذا يَفْعَلُ السّرَطانُ بصاحبِهِ
حينَ يَحمِلُهُ مَعَهُ في الطّريقِ
يَخِفُّ الوجودُ بهِ ، ثُمّ يَذْبُلُ
مثْلَ الحياةِ الصّغيرةِ يَذْبُلُ
أَو
شَتْلَةِ الهِنْدِباءِ !

مُنذُ عامين ،
خَفَّ صديقي كثيرًا كثيرًا
وخَفَّ سريعًا .. إلى
أَنْ ذَوَى
كُلُّهُ
وَتَطايَرَ كالرّيشِ فوقَ نَسيمِ
صباحٍ خفيفٍ ...
سَيَضْبِطُ أَوْقاتَهُ الآنَ – قُلْتُ –
سَيُثْبِتُها فَرَحًا فَرَحًا بالحياةِ الكبيرةِ
حيثُ سَيَدْفَأُ
أَكْثرَ مِنْ أَرضِهِ والسّماءِ

ومَضَى صاحبي منْذُ عامينِ ،
مِنْ يَومِها
نَقَصَ الضّوءُ في الإستعاراتِ
والشِّعرُ .. في الشُّعَراءِ !

والمريضُ أَنا بَعدَهُ
والقليلُ .. القليلُ دَوائي

هكذا، راجِفًا، أَتَذَكّرُ تلكَ
الحِواراتِ ما بيننا
وعليَّ مَجرّاتُ ثلْجٍ بريحِ السّريرِ
فكيفَ سَيُدْفِئُني فيهِ شَرشَفُ
هذا الرّثاءِ ؟!

ثُمّ حينَ أَنامُ منَ الحُزْنِ
يَسْقُطُ مِنْ غَيْبهِ ريشَةً صاحبي
ويقولُ كلامًا قليلًا
فَيُربِكُني مِثْلَ عادتِهِ !
( ... ... )
ثُمّ يَقْفِزُ كالإستعارةِ مِنْ دابّةِ
الحُلْمِ
حتّى يَعوْدَ خفيفًا خفيفًا .. إلى بَيْتِهِ
هكذا يَفْعَلُ السّرَطانُ بصاحِبهِ
حينَ يَشْفَى ، هنالكَ ، مِنْ مَوْتِهِ !
هكذا
كُلّما زارَني في مَنامي المريضِ
تَبَسّمَ لي ساخِرًا :
" خُذْ دَواءَكَ ، يا صاحِبي
خُذْ دواءَكَ
في
وقْتِهِ " !





الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




لا تكُنْ عاطفيّاً
( 2.9k | 0 | 0 )
ألواح من أيام الطُّوْفان لشاعر مجهول-
( 2.1k | 0 | 0 )
منزل أول
( 2.1k | 0 | 2 )
أَعِدُ الموتَ أَنّي.. سأَخْذُلُهُ
( 1.9k | 0 | 0 )
بماذا تفكر
( 1.9k | 0 | 0 )
ما اسم هذا الشيء
( 1.9k | 0 | 0 )
لم لا أستطيع مع الوقت نسيانها
( 1.7k | 0 | 0 )
أخي في القصيدة
( 1.7k | 0 | 0 )
تذكرت
( 1.6k | 0 | 0 )
ضباب على الماء
( 1.6k | 0 | 0 )
في الغرفة الاخرى
( 1.6k | 0 | 0 )
أُغْنيةٌ بيْضاء للدُّوريّ/ كِذْبَةٌ بيضاءُ لي
( 1.6k | 0 | 0 )
أنظم وقتي لفوضاي
( 1.6k | 0 | 0 )
وحش البحيرة
( 1.6k | 0 | 0 )
قُرْعَة
( 1.5k | 0 | 0 )
حفريات جديدة في تل قديم
( 1.5k | 0 | 0 )
رمانة إبراهيم
( 1.5k | 0 | 0 )
صرت ما كنت أخشى
( 1.5k | 0 | 0 )
ستَّ عشرةَ أَيقونةً إلى حسن
( 1.5k | 0 | 0 )
هي ترقص
( 1.5k | 0 | 0 )
هُوَ قيسُ الأخير
( 1.4k | 0 | 0 )
في الحروب
( 1.4k | 0 | 0 )
أزور دمشق
( 1.4k | 0 | 0 )
للطّائرات أَقول
( 910 | 0 | 0 )
لا أَفْهَمُ الدُّعْسُوق
( 489 | 0 | 0 )
لِتَبْكِ الحمامَه
( 470 | 0 | 0 )
عن شَجَرِ الجميل
( 343 | 0 | 0 )
هكذا الكلماتُ تفْعَل
( 334 | 0 | 0 )
كَسَلٌ عاطفيّ
( 297 | 0 | 0 )
فقط اخْرُجْ
( 294 | 0 | 0 )
كي لأمْشي وأَقْطعَ هذا الطّريق
( 280 | 0 | 0 )
خَلُّوا طريقَ الكلامِ لهُ
( 218 | 0 | 0 )
لا تُسَمِّ بلادَكَ
( 129 | 0 | 0 )
نُزولًا إلى طَبَرِيّا كأَنّكَ تَصعَدُ
( 98 | 0 | 0 )