إلقاء: نورس علي

ها أنتَ تخذلكَ
السطورُ و تقطعُ المنفى
على ظهرِ الغيابَ قصائداً ..
ها أنتَ تشعلُ دمعتين
و تنحني لتزيلَ لون الطينِ
عن كفَّيكَ
تسجدُ للرّمالْ
فالموتُ أسهلُ ما يُنالْ !
وطنٌ تغصُّ بهِ
تجاعيد الرصيفِ ، يُعلِّمُ الشَّحاذَ
كيفَ يُعِدُّ ملحمةَ النُّواحِ
و يشتري دمعَ الرِّجالْ ..
وطنٌ تغصُّ بهِ
تجاعيدُ الرصيفِ فلا يرى شيئاً
على كفَّيهِ غيرَ التِّيهِ
و الدَّمِ في أحاديثِ النِّعالْ !
فالموتُ أسهلُ ما يُنالْ !

أطفالُ هذي الأرضِ
أرهقهم مزاحُ الذِئبِ مع ليلى
و طعمُ الصَّمتِ في أفواهنا
و الخوفُ من أسمائنا ..
أطفالُ هذي الأرضِ أوكلهم
ضميرُ الغيبِ
للَّاشيءِ ، للَّاضوءِ ،
للأخبارِ في شاشاتنا ، للجُبنِ
في صلواتِنا !
للقابضينَ على السَّرابِ بحقدهمْ ..
لقذيفةٍ .. لرصاصةٍ ..
للموتِ في أحلامهمْ
في البيتِ مع ألعابهمْ
أو ربَّما
فوقَ الطَّباشيرِ الحنونةِ
في أصابعهمْ
ولا تبقى سوى الأشلاءِ تصرخُ عاليا :

ما الموتُ ؟! '
- لا ندري .. و ما معنى السؤالْ !
فالموتُ أسهلُ ما يُنالْ !
مشتِ الغريبةُ في مهبِّ
الفقدِ تحملُ موطِئاً للذكرياتِ
و خصلةً من شعرِ قاتلها
تُعلِّقها على زندٍ يَعُدُّ
الملحَ في لغةِ الجروحْ
أين الحقيقةُ ؟!
أينَ أطفالي ؟!
و أينّ حبيبيَ الأعمى أُعَوِّذُ ليلهُ
بالدفءِ من بردِ النُّزوحْ ! '
لا فرقَ إنْ سُرقَت سنابلُ
حلمنا في الواقعِ المحمومِ
أو في شعرنا المنحوتِ
من تَرَفِ الخيالْ
فالموتُ أسهلُ ما يُنالْ !
من نحنُ ؟!
ما معنى الوقوفِ على تجاعيدِ الزَّمانِ ؟!
و كم يجودُ المعدن العبثيُّ بالنَّارِ الحقودةِ ؟!
كيفَ يبتدعُ الخلاصَ لغيرهِ رجلٌّ يجافيه الخلاصُ ؟!
و كم يكلِّفُ طفلةً كي تمسحَ
( المكياجَ ) عن وجهِ البراءةِ باكراً ؟!
ما الموتُ ؟! من قتلَ الحمامَ
على ضفافِ الحُلمِ ؟!
ما معنى الوطَنْ ؟!! '
لسنا سوى نهرٍ خُرافيٍ
تَلوَّعَ بالرِّمالْ
لسنا سوى خدشٍ على
وجهِ الحياةِ
و حسرةً أزليَّةً تبكي
على صدرِ المُحالْ
لسنا سوى بأسٍ تُردِّدهُ زنازينُ المدى :
يا ربِّ أوصلني فذاكَ الموتُ
يتقنني و يعرفُ من أنا ! '
فيجيبهُ صمتُ الصَّدى :
' لسنا سوى ظلٍّ
على بابِ السُّدى .. '
لسنا سوى ..
و الموتُ أصعبُ ما يُنالْ !!
***