قصاصات لذاكرة المشتهى - زيد صالح | القصيدة.كوم

شاعر عراقي (1997-)


816 | 0 | 0 | 0



(١)

يوماً
ستنمو أغاني الحقلِ ذاكرةً
تمتدُّ في أضلعِ الدنيا حشائشها
وتستثار كؤوسٌ
في يد امرأةٍ
ترتّلُ الكرمةَ الأولى عرائشُها
يوماً سيرحل متنٌ
عن دفاترنا
ويستفزُّ بياضَ الوقتِ هامشها

(٢)

الراحلون
إلى أقصى المجاز مشوا
فقابلوا زهرةً
في النص ترتعش
"نرسيس"
لم يكتشف أسرار رعشتها
ونرجس العمر
فوق الماء مفترش
تنمو على شفة الأنهار أسئلةٌ
وكلما حاولوا تفسيرها
عطشوا

(٣)

هناك ألمحُ حلَّاجاً
يقولُ: كفى
خلفَ التفاصيل
لي كأسٌ مُعتَّقةُ
وشاعراً طاعناً في الحب
تذرفه على الشبابيك والأغصان سوسنة
وثمّ أعمى بعكاز السراب مشى
على يديه
بياض الله منفلتُ

(٤)

أبي أتيتُكَ طفلاً
حاملاً وجعي
تفاحُ وقتيَ بالفوضى أبعثّرُهُ
شاخت ضفاف الأغاني،
وانحنى وتري
وابيضُّ من غربة الموال أكثره
لم أنتبذ وطني
منذ امتزجتُ به
أمشي،
ويكبر في خطوي تعثُّرُهُ

(٥)

علّقت عمريَ مصباحاً
لمن عبروا
أشابه الليل لكن فيه لم أقعِ
أخاف من شجر الخيبات
يأخذنا نحو الفراغ صدىً
كي يشتهيكِ معي
أخاف من زحمةِ الأشياء،
من لغةٍ تفض فيّ وصاياها
ولست أعي

(٦)

لم أكترث لوصايا الماء
في جسدي
لما ابتكرتُ سراب المشتهى الأبدي
البحر فسّر للغرقى نبوءته
وحين شاخ،
غفا كالوشم فوق يدي
يقول:
لا تقترح للنص تسمية
تجرّدِ الآن،
فالأسماء للزبد

(٧)

فتىً
يلّقنُ للفرشاةِ دمعتَهُ
يتلو عليها كتاباً
من مواجعِهِ
فتستفيق جرارُ الحبر ذاكرةً
لكي يعيدَ بها ترتيب واقعِهِ
لا جاذبيةَ باللوحات،
كيف إذنْ
تفلتَ الأفقُ فيها من أصابعِهِ

(٨)

كم كان يرسمُ بالألوان أمنيةً/
بيتاً صغيراً
يواري فيه غربته
وكلّما
رسمتْ فرشاته وطناً
محتْ رصاصة مجهولين لوحته
له مواعيد غيماتٍ بلا مطر
وحزن نهرٍ
أضاع الفقد ضفته

(٩)

في البدء كنتُ،
وكان الماء طوع يدي
أمشي عليه نبياً دونما زورقْ
لستُ المسيحَ
وأبواب السماء بكت
لما لمستُ بجرحي لونها الأزرقْ
حملتُ في جيبيَ المثقوب ذاكرة
من البياض
وحبراً يشتهي المطلقْ

(١٠)

ضدان فيّ
- سكونٌ دائم الحركة
- وغارقٌ /سابحٌ في الوقت
كالسمكة
أنا المشرَّدُ في الصحراء أزمنة
خلفي تركتُ شفاه الريح مرتبكة
حتى تهجى سرابُ الطاعنين دمي
لكنّه
فوق أعتاب الصدى سفكه

(١١)

أمتدُّ في هاجس الأشياء
كالقلقِ
وأستفزُّ شرود الماء بالغرقِ
أصابع الحبر
تسقي الليل أسئلةً
وتستبيحُ أسىً ترنيمة الورقِ
لم يبقَ من حُلُم الزيتون
غير دم
يسيلُ من أدمع المصباح
والحدقِ

(١٢)

مذ أعشبت يدهم من طرق أبوابك
فتحتَ قلبك،
كي تحظى بأصحابك
الأصدقاء فخاخ الوقتِ
- معذرة -
لم يسألوا أبداً رغم الأسى: ما بك؟
ما زلتَ
تعصر من أخطائهم عنباً،
حتى تدلوا عناقيداً بأكوابك




الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: