أطِلِّي!.. - قحطان بيرقدار | القصيدة.كوم

شاعرٌ سوريٌّ (1977-) "أفرغَ الكأس واختفى في الضباب".


1496 | 0 | 0 | 0




أطِلِّي بِغَيمِكِ
أو بِضُحى شمسِكِ المُشتَهاةِ‏
فقد طالَ عهدُ القطيعةِ بيني وبينَ السماءِ‏
وأصبحتُ أبعدَ منها إليَّ..‏
أُنادي القصيدةَ‏
لا تستجيبْ..‏
هُنالِكَ سِرْبٌ منَ الضوءِ‏
ألمحُهُ يستريحُ‏
على شُرفةٍ في أقاصي غيابِكِ‏
أتبعُهُ كالغريقِ‏
لكي أتنفَّسَ بعضَ هوائِكِ‏
قبلَ الرُّجوعِ إلى عالمٍ غارقٍ في المَغِيبْ..‏
هُنالكَ أُغنيةٌ خلْفَ هذا الخَواءِ‏
تُباغِتُني‏
حينَ يَحضُرُ صوتُكِ مثلَ النُّبوءةِ..‏
ذاكرتي لا تَضِنُّ عليَّ‏
بِكُلِّ تفاصيلِكِ الأمنياتِ..‏
فكيف سأُغلِقُ نافذةَ الاِنتظارِ‏
لأفتَحَ ما يُشبِهُ الموتَ‏
مُقترِباً مِنْ حُدودِ التلاشي‏
بعيداً..‏
وما ثَمَّ شيءٌ قريبْ...‏
•••‏
أطِلِّي كما شِئتِ‏
في الحُلْمِ أو في الحقيقةِ‏
مُثقَلةً بالتباريحِ‏
غامضةً كالكُهوفِ‏
مُحرَّرةً من جميعِ الوُجوهِ..‏
بلا ذكرياتٍ.. بلا أمكِنَهْ..‏
كما شِئْتِ‏
لن أتدخَّلَ في طَقْسِكِ الداخليِّ‏
ولن أتوغَّلَ في دمعةٍ منكِ مُفرِحَةٍ‏
لن أسافرَ في بسمةٍ مُحزِنَهْ..‏
ولن أتَعجَّبَ إمَّا تَجلَّيتِ لي بعدَ هذا الغيابِ‏
كآلهةٍ مِن وراءِ الجبالِ تُكلِّمُني‏
أنّ خلْفَ الزمانِ حياةً بلا زمنٍ..‏
لا يُهِمُّ..‏
أطِلِّي‏
ملاكاً رما خلْفَهُ نُورَهُ السرمديَّ‏
وجاءَ لِيُشرِعَ بابَ الغِوايةِ حتى الفَناءِ..‏
كبائعةِ الياسمينِ‏
لها عَبَقُ الياسمينِ‏
وحيداً يَجُوبُ الشوارعَ والأنفُسَ المُنْتِنَهْ..‏
كبِنتِ المُلوكِ التي ساقَها الموجُ‏
أبعدَ أبعدَ مِن قَصْرِها في الشمالِ البعيدِ‏
فلا حَرَسٌ فوقَ هذي الجزيرةِ‏
لا عَرَباتٌ ولا أحْصِنَهْ..‏
أطِلِّي.. لَعلِّي أُحِسُّ الحياةَ على هذهِ الأرضِ‏
- لو لحظةً - مُمْكِنَهْ...‏
•••‏
أطِلِّي كما أنتِ..‏
لستُ أُطالِبُكِ اليومَ‏
أن تُرجِعي الوقتَ نحوَ الوراءِ ولو لحظةً..‏
فاستريحي بِهَودَجِكِ الآنَ‏
مِن كُلِّ ماضٍ وآتْ..‏
لأقرأ في مُقلتيكِ الجديدَ مِن البرقِ..‏
لا تَصمُتي إنْ أردتِ الكلامَ‏
فإني سأُصغي إلى آخرِ العُمْرِ..‏
لا تَنطِقي إن أردتِ السُّكوتَ‏
فإني سأُصغي إلى آخرِ العُمْرِ‏
لا تقلقي مِن كلامي وصمتي‏
فلن أستعيدَ سوى ما يُرِيحُكِ من ذكرياتْ..‏
كما أنتِ واثقةً بالرُّجوعِ..‏
كما أنتِ واثقةً بالرحيلِ..‏
وهذا المكانُ لنا منذُ دهرٍ‏
فإن تَشعُري بالنُّعاسِ فنامي..‏
سأسهرُ حتى الصباحِ وحيداً‏
بلا زمنٍ أو جِهاتْ..‏
كما أنتِ..‏
لستُ سعيداً..‏
ولستُ حزيناً..
ولكنني مُفعَمٌ بالحياةْ...‏






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: