في آخِرِ الأعلى المُضِيء - قحطان بيرقدار | القصيدة.كوم

شاعرٌ سوريٌّ (1977-) "أفرغَ الكأس واختفى في الضباب".


1618 | 0 | 0 | 0




لا شيءَ يُذْكَرُ..‏
رُبَّما سَئِمتْ حُروفيَ منْ تَنَاسُلِهَا‏
وناشَدَني الغيابُ بأنْ أعودَ‏
لأَشْهَدَ الزلزالَ والموتى‏
وأنقاضَ الحنينِ..‏
ـ أَلَمْ تَرَ الأَهْوالَ بَعْدُ ؟!‏
ـ بلى.. ولكنِّي أُكابِرُ‏
عَلَّني أَحْظَى بِمَنْ يَسْمُو معي‏
فوقَ الخُرافَةِ والفَراغِ..‏
الوهْمُ باخرتي السجينَةُ..‏
مَنْ يُحَرِّرُني‏
لأَعْبُرَ مِنْ مَضيقِ العالَمِ السُّفْليِّ‏
نحوَ عَوالمِ اليَخْضُورِ والنَّهونْدِ؟!.‏
هذا هَاجِسِي القَدَرِيُّ دَوْماً‏
لا عُيُونُكِ..‏
فَاذْهَبي‏
حتّى أُتابِعَ رِحْلَتي‏
في آخِرِ الأَعْلى المُضِيءِ..‏
هُناكَ لي منْ شهرزادَ جَميعُها‏
لا بَعْضُها..‏
يا شهرزادُ تَخيَّلي وتَخَيَّلي‏
لِيَظَلَّ نَبْضُكِ يُطْرِبُ الأكوانَ..‏
وَانْسَجِمي معي..‏
وَتَقبَّلي‏
وَرْديْ على ما فيهِ منْ قَطَراتِ ذِكْرَى‏
أَرْجِعي‏
لي ما فَقَدتُ..‏
وأَبْعِدي عَنِّي جَميعَ العَاقِراتِ..‏
هُناكَ لي منها امتلاءُ جَدَاولي‏
بِزُلالِها‏
لا بالتُّرابِ..‏
وأنتِ باعِثَةُ السَّرابِ‏
وَلَدْغَةُ الفَشَلِ اللذيذةُ..‏
أنتِ آخِرُ رحلةٍ لي في غَبَاءِ الشَّوقِ..‏
عَلَّمَني التَّطرُّفُ في غُمُوضِكِ‏
أَنْ أَزِيدَ تَلأْلُؤَاً في الليلِ..‏
أنْ آوي إليها‏
هارباً منْ كُلِّ ما يدعُو إلى الموتِ المُباشرِ..‏
ـ كيفَ حالُكِ ؟‏
ـ لمْ تَزَلْ مَعْنَايَ مهما زادَنا‏
التعقيدُ بُعْداً..‏
والذي عِشْنَاهُ لا نَنْسَاهُ..‏
لا تَعْشَقْ سِوايَ لكي يَظَلَّ لديكَ‏
دَاعٍ لي‏
إذا أَحْسَسْتَ يوماً بِانْقِرَاضِ الصُّبْحِ..‏
أَخْرَجَنا الرَّجِيمُ عَنِ الصِّراطِ‏
لِنَحْتَرِقْ فَرِحَيْنِ في جَنَّاتِ غُرْبَتِنَا..‏
أتينا طَائِعَيْنِ لِعَابِثٍ فينا‏
فَعَرَّفَنا علينا منْ جديدٍ..‏
غيرَ أَنَّ جُنُونَكَ البَريَّ قَدْ أَضْحَى مُخِيفاً‏
لِلنَّوارسِ قُرْبَ شُطآني‏
وعِطْرَكَ غَيَّرَ الإيقاعَ..‏
غَيَّرَني..‏
وَحَرَّفَ قِصَّتي مَعَهُ..‏
اسْتَعِدْني منْ ذُرَى غَرَقي‏
وَأَفْرِغْني مِنَ اللاشيءِ..‏
شَكِّلْني كما في المرَّةِ الأُولى‏
رأيتَ عَرائِشي..‏
والدَّمْعَ في عَيْنيْ‏
وَضَعْفي وَانْسِكَابي..‏
رُبَّما سَئِمَتْ حُرُوفُكَ منْ تَنَاسُلِها‏
لأِنَّكَ قَدْ سَئِمْتَ مِنِ اقْتِرَابي...‏
وأنا امتلأتُ إلى نهاياتي بِنَارِكِ‏
أو بِكَوثَرِكِ الحنُونِ..‏
تَكَاثَرْتْ حوليْ حَسَاسِينُ الغَرابةِ‏
فَانْطَفَأْتُ على يديكِ‏
كأَنَّني المِصْبَاحُ..‏
جَفَّ الزَّيْتُ يا زيتونَتي في اللا مكانِ..‏
تَرَكْتِني‏
حتَّى تَوَقَّدَ ظِلُّنَا باللهِ في المُسْتَقْبلِ الماضي‏
فَجَاءَ لِيَجْمَعَ المُتَغرِّبَيْنِ‏
على سُهُولِ النُّورِ فيهِ..‏
ويَبْدَأَ الزَّمَنَ الطَّرِيَّ..‏
الحُبُّ باخرتي الطليقةُ‏
والقَصَائِدُ حولَها تَسْعَى‏
لِتَسْكُنَ بينَنَا فيها‏
أَنَا لي أنتِ لا دُنْيا ضَبَابي..‏
يا شَهْرزادِيَ رُبَّما‏
سَئِمَتْ حُرُوفيَ منْ تَنَاسُلِهَا‏
لِبُعْدِكِ عَنْ غِيَابي..‏
* * *








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)