قربَ بابِ العُمْرِ - مصعب بيروتية | القصيدة.كوم

شاعرٌ سوريٌّ (1986-) حاصلٌ على العديد من الجوائز العربية.


1821 | 0 | 0 | 0





مُذْ كانَ يلْعَبُ بِيْ كدُمْيتِهِ الصَّغيرَةِ..
كانَ صَوْتُ الرِّيحِ يَخْفَتُ قربَ بابِ العمْرِ ...
بَرْدٌ قارسٌ ودُعاءُ أمّي وابتهالاتٌ
تُرتَّلُ في مَآذِنِ حيِّنَا ...
لا تنسَ يا وَلَدِي .. صَلاتَكَ .. ( قالَ لِيْ )
قلتُ : انتظرْنِي لنْ أُضيِّعَ ما جمَعْتَ من الحقائِبِ
ثمّ غادرَ ..

حينَها نبعَتْ مِياهُ الحُلْمِ من نافُورةٍ
كانَتْ تُزيِّنُ خدَّ أمِّي ..كانَتْ تلمُّ الغيمَ حوْلي
كلَّمَا نبَتَتْ بأحلامِي الورودُ ،،
وتزُمُّ ماء الغيْبِ في صَحْرَاءِ وحدتِنا هُناكَ ..
وكُلَّما ذهبتْ تعودُ ،،
يا هاجرُ انتَبهِي لنَفسِكِ هذهِ الصّحراءُ قَاحِلَةٌ ...
و يوسُفُ في ظَلام البئْرِ يَعْجنُ خبْزَنَا

كانتْ طُيُوْرُ أبِيْ تُعشِّشُ ..
دونَ أنْ أدْرِي على شُرُفاتِ عيْنَيْهَا ...

أصيْحُ ...
لرُبَّما مَرَّتْ قَوَافِلُ قرْبَنا فنلُمَّ شَعْثَ الغَيْبِ ..
يا أمِّي مضى حُلْمانِ .. أينَ أبي ... ؟ أبي !!
قالتْ سيرْجِعُ .. لا تخفْ ...
إنِّي لأقْبِسُ ريْحَ يوسُفَ .. لنْ يُطيْلَ البُعْدَ عنّا ..

يا بُنيّ انظرْ إلى الأغْصَانِ ...
كيفَ يشدُّها جذعُ الأبوّةِ إنْ غَزَتْها الرِّيحُ ...
والطَّيرُ البعِيْدَةُ خَلفَ ذاكَ البحْرِ ترجِعُ بعدَ حيْنٍ ...
قلتُ يا أمِّي : أريدُ أبي ...
ودمْيتِيَ الّتي يبتاعُها لي من بلادِ المبعدِيْنَ عن الحياةِ
و بسمةً مخْفيّةً في بَهْوِ قلْبي ..
صوتُ قرْعِ البابِ .. ظُهراً ... والصّدى ..
أُرْجُوحتِي بيديْهِ .. ضحْكَةُ جدَّتي ..
وضجيجُ قهوَتِهِ صَبَاحاً..

يا تُرى ..
هلْ رنّ هاتِفُ نبْضِهِ ؟
أم أنّ تلك الأرضَ تحتَجِزُ الهواتِفَ والحُروفْ
هذا ضَبابُ الغرْبةِ السّوداءِ سراً في شَوارعنا يطوفْ
أمِّي ...
عِديني أنَّ غيمَاً ما سيَأتيْنا بهِ ..
قَالتْ : سَيأتِيْ عنْدمَا يجْنِي من الشَّجرِ القطوفْ,,
لا تنسَ أنْ تتلُو صلاةَ رجُوعِهِ ( قالتْ ) :

وأسْدَلتِ السّتارَ عن الكلامِ ...
وقبَّلتْني ..ثمّ ضمتني ببسمتها ...
وغطَّتْ وجْهَ أسئِلَتِي ونَامتْ ...








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.