أغنيةٌ لمتحف المدينة - أفياء الأسدي | القصيدة.كوم

شاعرةٌ عراقيّةٌ. في قصائدها ما يدل على الذكاء الشعري الفطري. وموسيقاها خاصّةٌ بحنكة مايسترو.


293 | 0 | 0 | 0




لقد كان صدري مدينة مأهولة؛
قبل ستّة أشهر فقط،
كان السكّان
يبيعون محصول السكون الى بعضهم،
أو يشترون وقتا للّعب مع الذكريات،
يبادلون ساعة مِن الراحة ربّما
بساعة من الشِعر،
أو يتشاجرون
حول مَن يملك كرة الشقاء اليوم،
وبينما ترتب الامّهاتُ أطباقَ الفجيعة؛
يعود الآباءُ محمّلين بأقراص المنوّم!
لم تكن مدينةً سعيدة،
لكنّ زوّارها ؛
وجدوا دفئا مِن الترحيب،
وفِراشا من الاغاني،
و أطباقا من المقترحات الآمنة،
لقد مرّوا على البئر أيضا،
أخبرتهم الحقيقة،
-فقد نزلوا عندي -
هذه البئرُ تمدّ المدينةَ بالأسى،
لا تشربوا منها،
كلّ مَن سمِع عنها حاول طمرها،
أحدُهم نقل الجبلَ القريب إليها،
والآخرُ رمى بعض الأسماك فيها،
حتى أنّ أحدهم حاول تجفيفها،
لم ينجح حتى العارفون
في وضع حدّ لها،
و الذي أغطّيه بظلّي
وأخاف عليه من الشمس؛
يسحب الدلو الآن ويشرب منها ،
لكنّها لا تعرفه
فتمدّه بالماء الحلو ،
-حُلوٌ ،
أسكتُ
(لن يصدّقَ أنّه ماءُ الحزن الذي أعرفه)
-أنت لا تعرف المدينة،
إنّها تحبّ الزائرين،
لكنها لا تطمئن للمقيمين فيها،
إنّهم يمزّقون الوردَ الفخور،
يقطّعون العشبَ الصغير،
ويبلّلون النخيلَ بماء النار،
ثم يزرعون بتلةَ وردة،
أو يسقون فسيلةً مِن ماء البئر!
رأيتُها بعينين نضّاحتين..
صغيرةً جدّا ،
صرّحتْ عن ولادتها توّا
في اغاني الفلّاحين ،
إنّ المقيمين لا يزورون متاحفَ المدينة،
-سيظل المتحف دوما هناك-
وهم لا يحملون كبرياءَ الورد
على محمل الجَدّ،
لا يفهمون كرامةَ الحقول؛
لا يدرون لِمَ مال الغصنُ
قبل زيارةِ الريح،
عابثون،
عشوائيون،
احتمالاتهم حقائقُ عندهم،
وحقائقهم أنصافُ،
معلّلة بألف تفسير ،
يتعبون مِن اللومِ ؛
وقت لا يتعبون من ارتكاب الجنايات،
رائعون في تسديد الطعنات وتبريرها،
لكنهم مذهلون في نكران النوايا السوداء ،
إنّهم مثاليون لحزنٍ محتوم !
يجتمعون ،
حين يغنّي السكّانُ أغنيةَ الحرب،
سائرين في الوديان الضيقة من الاحتمالات،
عابرين السهول الذهبية؛
عبور الجرادِ في موسم الحصاد ،
يجتمعون ،
آتين مِن حروب منتصرة،
لكنهم لا يخبّرون عن النجاة،
عن الخرائط والخنادق والمكر والدروع،
يصمتون
وهم يرونهم ذاهبين بصدور عارية،
سلاحهم الغناء،
ودرعهم عدمُ المعرفة،
يمشون في حرب الخلاص هذه،
باحثين عن الماء الحُلو،
والوردِ الفخور ،
والنخل الذي لا تصله أيادي الحطّابين،
-يمشون خلفهم كما يُسار خلف جنازة ،
حاملين أناهم على أكتافهم،
ومدّعين الفهمَ والتفهّم..-
الآن ،
وبعد أشهر ستّةٍ؛
يسير الجميع نحو الحرب،
وحدي أحمي قطّاعَ الطريق من البئر،
وحدي أخبر الطيور عن أماكن الفزّاعات،
أرتّب الأيام التي لا آخر لها،
أقنع العقبانَ
أن لا تأكل من رأسي المرفوع،
وحدي أحرس المدينةَ الآن؛
حيث لم يبق فيها غيرُ الصفير.



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




امرأةٌ و قلب
( 1.9k | 0 | 0 )
يا حنانك !
( 1.8k | 0 | 0 )
كأس التيكيلا
( 1.7k | 4 | 1 )
مذكّرات بقلم حُمرة
( 1.7k | 0 | 0 )
مرايا مكسّرةٌ من محاجر
( 1.6k | 0 | 0 )
فجرٌ مستباح
( 1.3k | 0 | 0 )
حين تسكنك النار
( 1.2k | 0 | 0 )
موعدٌ مع الصداع
( 1.2k | 5 | 3 )
ضربةُ نرد
( 1.1k | 0 | 0 )
في المقهى
( 1.1k | 0 | 2 )
فتى الجيران
( 1k | 0 | 0 )
لكازنتزاكي مطارقُ أيضا
( 927 | 0 | 0 )
وردٌ على معصم
( 786 | 5 | 2 )
صدٌّ بطعمِ الوَصل
( 687 | 0 | 3 )
أهلُ الأسى
( 627 | 0 | 0 )
مؤمنة بالأسود و الأبيض
( 585 | 0 | 0 )
بساطورِ حُبٍّ
( 579 | 0 | 0 )
تيهٌ و زُرقة
( 570 | 0 | 0 )
عرّافةٌ في الطريق
( 496 | 0 | 0 )
جنائزُ مضيئةٌ
( 468 | 5 | 0 )
ماذا تعني المطارق التي تهدِمُ رأسَ العالم
( 441 | 0 | 0 )
أرتدي كعباً و ألمسُ القمر
( 438 | 0 | 0 )
جارٌ على الباب
( 427 | 0 | 0 )
موعدُ الباخرة
( 420 | 0 | 0 )
بائعُ الورد
( 395 | 0 | 0 )
أنا امرأة بدائية
( 378 | 0 | 3 )
إنّها الواحدةُ
( 376 | 0 | 0 )
حدسٌ مؤتمَن
( 374 | 0 | 0 )
صاحباتي قد علِمنَ
( 371 | 0 | 0 )
عصفورةٌ بين القصب
( 331 | 0 | 0 )
جناية زهرة
( 330 | 0 | 0 )
سكّانُ رأسِ الغريب
( 309 | 2 | 0 )
لا رقيب عليك
( 307 | 0 | 0 )
صندوق بلا ساعي بريد
( 306 | 0 | 0 )
مقصلةٌ تلعب القمار
( 292 | 0 | 0 )
شمع أحمر
( 289 | 0 | 0 )
يموتُ مَن لا يغنّي
( 260 | 0 | 1 )
حارسةُ الصمت
( 243 | 0 | 0 )
لستُ مَن سكبَ الكُحلَ
( 242 | 0 | 1 )
لا تخيفني السبّابة، أنا الزناد
( 116 | 0 | 1 )