شاعرٌ وطبيبٌ سوريٌّ (1977-) له تجربةٌ طويلةٌ ومهمّةٌ في الشعرية العربية. وخصوصا التفعيلة منها.
1911 |
0 |
0 |
0
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "منزل مزدحم بالغائبين
" لـ "تمام التلاوي"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "منزل مزدحم بالغائبين
" لـ "تمام التلاوي"
منزل مزدحم بالغائبين
0
مشاركة القصيدة
(إلى هَنَاء... أمّي)
في منزلٍ مِن غرفتينِ ورَدهةٍ
ربّيتُ أحلامي لأعوامٍ طِوالٍ.
ربّما دخلَتْهُ إمرأةٌ لتُنجِبَ فيه حُلْماً عابراً أو تقتلَهْ
ولربّما كنّا نعذّبُهُ كثيراً في مسَاءاتِ الوعولِ..
فنكسرُ الأقداحَ فوقَ سكونهِ
أوْ نصفعُ الأبوابَ
أوْ حتّى نقوِّضُهُ بعصفِ لهاثِنا في الليلِ.
قبلَ أنْ أبكي، رأيتُ اللهَ،
فانبَجسَتْ حياتي عبرَ شرخٍ في جدارِ قصيدتي،
وترقرَقَتْ عينايَ بامرأةٍ وراءَ البابِ.
كانَ البابُ مطْلِيّاً ببيتِ العنكبوتِ،
وكانَ في أعلاهُ عشُّ حمامةٍ.
طارتْ.. فلا دخلَتْ خُطا امرأتي إليَّ،
ولا خرجتُ أنا إليها..
زنزنَتْكِ وساوسي، وتدفّقَتْ حولي حياتي،
ثمَّ جفَّتْ في الحنينِ وفي السنينِ
وفي الكتابِ الجامِعيِّ وفي رغيفٍ يابسٍ في مطبخي،
وعلى هواتِفِ لَيلِكُمْ وعلى غيابي
–أنتِ أقربُ في الغيابِ إليَّ منْ حبْلِ الوريدِ-
وفي الرّسائلِ أوْ عليها، في قرنفُلِ صاحِبَاتي أوْ عليهِ،
وفي المَمَرِّ تدفَّقَتْ،
وعلى رؤوسِ أصابعي جفَّتْ حياتي مثلَ حِبرٍ..
هكذا زعمَ الرّواةُ،
وهكذا قَصَّ الشتاءُ على المدى أقصوصَتي،
حتّى تلبَّدَتِ السماءُ بصوتِ أمّي والصلاةِ..
نعِستُ يا أمّي،
فأينَ الآنَ كفُّكِ تنفضُ الحُمَّى قليلاً عنْ سريري،
والحبيبةَ عنْ جبيني؟.
ربّما ما زلتِ جالسةً على نهرِ المدينةِ تعصرينَ قميصَ صبرِكِ.
ربّما جفَّتْ يداكِ وأنتِ ترمينَ السنينَ كما الحصى فوقَ المياهِ.
نعَمْ، رأيتُكِ عندما الْتَفَّتْ عليَّ دوائرُ الغرباءِ،
ما كنتُ استلَلْتُ القلبَ منْ غِمدِ البراري بعدُ.
طولَ الليلِ كنتُ ركضتُ طولَ الليلِ
لمْ أسقطْ ولمْ أسقطْ ولمْ أسقطْ
إلى أنْ غاصَ نابُ الّليثِ في فخذِ الغزالْ..
حسَنٌ إذنْ.. سأقولُ هذا منزلي،
وأعيدُ ترتيبَ الأواني فوقَ رَفِّ الأُمنياتِ.
وسوفَ أكنسُ عن بلاطِ الروحِ
ما قدْ خلَّفَتْهُ عليهِ أحذيةُ النَّدامى،
ثُمّ أحلُمُ منْ جديدٍ،
ناسياً مائي القديمَ يجِفُّ فوقَ النارِ في إبريقِ وقتي،
سانِداً رأسي على كَتِفِ الأريكةِ،
عابثاً في فَرْوِ قِطّتِيَ الكسولةِ.
إنّ هذا منزلي،
ولطالما جدرانُهُ كانتْ لصوتي دفتراً في الليلِ،
أمّا في الصباحِ فمِعطفاً سترَتْ بِهِ امرأتي خطيئَتَها القويَّةَ
عندما زارَتْ حيَاتي..
إنَّ هذا منزلي،
ولطالما ناقشتُ فيهِ الأنبياءَ بمَا أضفْتُ على رسائِلِهِمْ،
وأقنعتُ الشياطينَ الكبارَ هنا بلا جدوى وساوسِهِمْ.
وكانَ الأنبياءُ على يميني يجلِسونْ
أمّا الشياطينُ الكبارُ على الشِّمالِ فواقفونَ.
وكنتُ أشعِلُ بالجِدالِ سجَائِري،
حتّى تنَحْنَحَتِ الحقيقةُ ذاتَ قِسطاسٍ بجلسَتِها لتحكُمَ..
أطفَأَتْ أعقابَ قولي في فنَاجينِ السؤالِ،
وأردفَتْ: أينَ الحقيقةُ؟. قلتُ: فيكِ..
فأطرَقَتْ حُزناً، وأغْضَتْ عنْ جوابي النارَ،
ثُمَّ اغرَوْرقَتْ بالمُستحيلْ..