المائدة - عقل العويط | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وصحفي وأستاذ جامعي لبناني (1952-)


216 | 0 | 0 | 0




انحنيتُ على موتي
لكي أنقذَ الحياة.
أسكرتْني أناشيدُ النازلين في الليل لترتيب حواسه
فانحنيتُ لئلا يخدشَ أحدٌ نزولَهم.
وكي أربحَ رهاني
تراقصتُ من الوهج
وقدّمتُ الكؤوس جيداً كي أهتدي.
ولأختصر
انشغلتُ بكائناتٍ غيّبتْني.
تفقّدني الآخرون ولم أجد بدّاً من الكتمان.
كتمتُ غيابي مثلما كتمتُ حضوري.
سهرتُ على الرغبات مثلما سهرتُ على الأفعال
حتى إذا استشرى الخيال
أسدلتُ الستار على الضجة
فلا تنوء العينُ بالنعاس
ولا يتثاءب السيلُ في انحداره.
كنتُ أحضّر فصولي لتكون صالحةً لأحوالها
فلم أُهدرِ المكان بضيوف آخرين.
كانت الرغبةُ في الكتابة أعمقَ من الكتابة
والرغبةُ في الموت أعمقَ من الموت،
لم تكن الرغبةُ في المرأة أقلَّ
ورغم ذلك فعلتُ.
ومع أني ندمتُ
فقد فعلتُ
وكان بودّي أن أرغبَ فقط حتى أرثَ لغتي
حتى أرغبَ وحدي كاملاً.
من مسافة الحواس والحواس الأخرى الى زوال المسافة
الى أن أشفَّ فأطير
حتى لا أراني
حتى أرغبَ وحدي كاملاً بدون ندم
حتى أرغبَ الى أن أدنو منّي
الى أن أدنو حتى أنقسم
حتى أصيرَ رغبةَ نفسي الكاملة
حتى أرغبَ لأرغبَ
وأصيرَ مائدةً
لأصيرَ مائدةَ رغبتي
فأكون الفعلَ والشوقَ إليه.
وأكون غائباً ولو حضرتُ. والعكسُ.
لتفعل الرغبةُ نفسَها.
فأكون الفعلَ والفاعلَ
ولأفعل، لو استطعتُ، بدون أن أفعل
ولأفعل بدوني لو استطعتُ
فتكتمل الصورة
وتسقط واو العطف
ويفرح الملائكة.


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: