عري - عقل العويط | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وصحفي وأستاذ جامعي لبناني (1952-)


268 | 0 | 0 | 0




تأوهاتكِ ليّنة
شعاعٌ يشقّ دربَهُ الى أوّلِ الفجر
عنبٌ مهيّأٌ ليُشمَّسَ تحت المغيب
جرسٌ لكنيسةٍ نائية
وتفوحين من حناياكِ في عتمةٍ هائلة
وينصت صوتكِ كيف تترقرقين ببقية الهَوَس كنهرٍ من الأعالي
فتروحين تغرقين في نداءِ لوحة
بشهوةِ صمتٍ جارح.
لم أشأ أن أرشدكِ الى الصحو فمن يوقظ نائمةً يقِظة
وهل أعمىً يرشد سكرى الى هاوية؟
بيّنةٌ وغامضةٌ كسبيكةِ ذهب
وبكِ أنا بين الوهم والحسّ
أشياءُ روحكِ على هشيمي تستجيب
عراؤكِ الغامض يا لَوضوحِهِ
يتلوّى بشهوةِ مَن يسكر بحجمِهِ في فراغ
مع ذلك لا شيءَ يحول دون الافتراض
أن الحياةَ شهقةٌ مغموسةٌ بعسلِ عينيكِ الضارعتين
لا شيءَ يتربّص بإيقاعِ يديكِ
عندما تستنجدان بإغماءةِ هواءٍ طلق
لا شيءَ يدجّن أصابعكِ
عندما تنغرز في جروحي
على غرار وردةٍ تضرّج ضميرَ الصحراء.
هواءٌ ناعسٌ يلفع عريكِ بحريقٍ خفيف
يمنح الحواسَ لذةَ أن تحيا كعطورٍ تشتعل.
لم يكن الخارجُ ضئيلاً لكن جروحَهُ تعرف طيوبها
وكيف تلتئم بهَوَسِ الغرفة
باتحادِ مَن يمتلىء.
شجرةٌ سكرى تنعطف عليكِ
تخاطبينها من فرطِ عينيها الناظرتينِ إليكِ
جسدُكِ يقترب من دموعِهِ
مطرٌ خافتٌ في آخرِ هذا الصيف
لم يمنعكِ من التلوّي في حفيفكِ المخدِّر
ولا الرذاذُ البخيلُ حين ينعس على النافذة
الستائرُ المسكونةُ بالنظرات لم تنسدل
لأنكِ في ليلٍ جامح
لكنّ ليلَ جسمكِ ليس أقلَّ
بل تعزّزين الظلمةَ بألوانٍ من عتمةِ عرائكِ الداخليّ
الآن تدركين وآنذاك
كم أنتِ كثيرةٌ وبيضاءُ وشديدةُ الحُلْكة والتهلكة
وتدركين غداً وفي كلِّ آنٍ عمقَ اللذةِ المفترضة
إذ تلوذين بجسدكِ الهاربِ الى مائِهِ
تفعلين هذا كمن يشتهي أن يكونَ شجرةَ كرز
أو يلوذ بموجةٍ صاخبة
تفعلين لأن قَدَرَكِ أن تكوني مأوى السعير
فيا لَعرائكِ الطائشِ في بياضِ الكلمات
تعرفين وتتجاهلين كم يرفعكِ الهَوَسُ الى أعلى الصارية
كم يُفضي بكِ الى هاوية عندما تتخلّين عن غوايةِ الضوء
نجمةٌ قد تأوهتْ عميقاً قبل أن تنصتَ إليكِ
قبل أن تغادرَ نارَ سمائها لتأوي إليكِ
هكذا تعثرين على السرّ في موهبةِ جسدكِ
وفي انتحارِ العقل ترشدين لذّتكِ المستعصية الى مينائها
العاصيةُ لذّتُكِ تستجيب دعاءَ مرساتها
في آهةٍ تترنّح
في سَفَرٍ حين يشبه صدفةَ يديكِ
في فوضاكِ التي من كثافةِ الخريف
فوضاكِ التي عتمةٌ عند الشفير
كالتي على الشفا
حين أنكِ تفاحةُ آخرِ الصيف
حين تختلـين بأرضٍ ناضجة كذهبٍ تلوّحه شمسُ الحصاد
حين أني حطبُكِ ونارُكِ
خبزُكِ وزيتونُكِ
حين أني أحرس غابتَكِ وعصفورَكِ
حين أختفي في طيّاتكِ كمن تؤويه غيمة
حين أننا خلوةُ مكانٍ بذاته
فماذا يبقى خارجَ هذه الليلة
خارجَ هذا الاحتفالِ كلِّه
ماذا يبقى من سببٍ للحياة
ماذا يبقى من سببٍ للموت؟!


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: