غلطة الملاكَيْن - عقل العويط | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وصحفي وأستاذ جامعي لبناني (1952-)


267 | 0 | 0 | 0




ملاكان
شهوةٌ تخضرّ وواحدةٌ سببٌ للانتظار
ملاكٌ يعطِّر جسمَهُ بالخمر وملاكٌ يتشمّس في جسمِ امرأة
أوّلُهُما يضبط جهةَ القلب والآخر جهةَ القلب
واحدٌ للحبِّ وواحدٌ للحبِّ أيضاً.
وإني الملاكان
الأولُ وهمٌ والآخرُ جحيمُ الوهم
هوسُ الطيران وسكرةُ الهاوية
في يدِ الأول سبعةُ عطورٍ وفي يدِ الآخر سبعةٌ أخرى.
وإني الملاكان
ندمُ الوقت وظلمةُ الحرقة
نزقٌ لامرأةٍ ولتبدّدِ امرأة
غلطةٌ في المعنى وسوءٌ في التدبير.
وإني ملاكانِ في الضيقِ الجميل
شريكٌ في السهر وفي الرغبة
نجمةُ الشهوة ونزولُ المطر
بابٌ على مشرقِ الشمس وبابٌ على القمرِ كلِّهِ.
ملاكان
لا يأخذنا هواءٌ ولا حَرٌّ لأننا على قوسِ غمام
لا تأخذنا ظلمةٌ لأنه لا يكون ليل
شفّافان كملاكِ المياه وملاكٍ عازفٍ بالكنّارة
خسارةٌ وهواءٌ الى الخسارة
ثيابنا عليلةٌ وعاشقة
كتبٌ لا تُحصى وهاوية
التبكيتُ أرضٌ وسماء
والندمُ غابة.
وإني الملاكان
إشتعالُ المطلق ولمسةُ النار المحرَّمة
لا أحتاج الى سراج ولا أغلق الأبواب.
ملاكانِ طائران
الأولُ لتطييبِ الوقت والآخرُ لبلورةِ الشرفة
يتجمّر الأولُ الى الأبد والآخرُ يتيه في الصحراء
وإني في الموتِ الثاني ملاكٌ يلتحف الشمس وملاكٌ يكون القمرُ تحت قدميه
وإني في الموتِ الأول مرارةٌ للضحكة وخيمةٌ للضوء
واحدٌ للغيم وواحدٌ للضجر
مشقةُ اتحادٍ بين القسوةِ والرحمة.
ملاكانِ للنقائضِ والتناغمات
رجولةٌ لتكريم الأنوثة
صوتٌ للكفاح وصوتٌ للنزوح
فتىً يأكل الحياة وفتىً تأكله غلطة.
ملاكان
نثرٌ وشعرٌ وثمرة.
وإني الملاكان
المتَّسَعُ والجسدُ
زجاجةٌ للعطورِ وواحدةٌ لحفظِ النظرات
لا يمنعني جدارٌ لا ينفع عقابٌ لا تردعني مدينةٌ ولا تحول دوني نهاية
وإني حرائقُ الطيران
شهوةٌ
صرخةُ الشهوةِ
ترنيمةُ الرغبةِ
نارٌ ورحمة
على رأسِ شجرةٍ وعلى الماء.
وملاكانِ للبوحِ والغبطة
ملاكانِ في الوَضَح يصنعان التَّلَفَ المُعطِبَ ويخفّفان الثقل
لِـما تبقّى من الخمرة ولاسترجاعِ الدمِ المراق.
ملاكانِ للجحيم وندمِ البحيرة
واحدٌ لغضبِ الجمر وواحدٌ لولادةِ الماء
يأكلنا الحبُّ ونعاسُ الحبِّ
وتأكلنا امرأة.
ملاكان
واحدٌ في شمسِ الفاكهة وواحدٌ في شمسِ الجسد
يحذفنا الصيفُ ونصير حزنَ القمح.
وإني الملاكان
ومعنا غلطةُ الحياة.
ملاكان
لكفاحِ الشجرِ في الصيف ولخيبةِ الكفاحِ في الخريف
للحَيرةِ وزفراتِ المرايا
للأعينِ التي تختصر المشهدَ ولا تتحمّل صرخة.
وإني الملاكان
نجتمع في جبلٍ في سهلٍ في غيمةٍ في قمر
في بحرٍ وفي صحراء
نجتمع في الإناءِ حيث يُكسَر الخبزُ والخمر
جحيمٌ تشمِّس يداً تكتب وجحيمٌ تطرّيها في الحرّية
أجنحةٌ تحترق وأجنحةٌ تنمو
امرأةٌ في عطورِ جسدِها ووردة
ثم نطير الى الكتبِ والغياب.
ملاكان
كلانا أوّلُ وكلانا غلطة
يفرّقنا الوقتُ ويجمعنا.
الأجنحةُ السبعةُ تفتح الأشرعةَ للأفق
والسبعةُ الأُخَر تطوي قمرَ الاحتراقِ على البحر.
وإني الملاكان
خاسراً رابحاً
للمقامرةِ والسهرِ الكثيف
للندمِ والانتظار
نمعن في الليل ولا يتّسع لنا الليلُ
يذهب واحدٌ الى الطرفِ الشاهق وينحدر واحدٌ الى الأسفل
ملاكانِ لا يستريحان
جسدٌ وتحليق
يسبحان في العمرِ ولا يصلان
جنسٌ يلتهب وجنسٌ يلتهم ذاتَهُ
جميلانِ غائبانِ كصيفٍ وشتاء
غائبانِ كشمسٍ وقمر
وجميلانِ كملاكين.
وإني الملاكان
تفاحةٌ وأيقونة
واحدةٌ للاشتهاء وواحدةٌ للابتعاد
الأولى للخطيئة والثانية لمحوِ الخطيئةِ
تفاحةٌ وأيقونةٌ وسحابة
السحابةُ شمسُ الأرضِ في الشتاء
قمرُها في الليل
وضوؤها في التجربة.
وإني الملاكان
ولسنا للحسدِ ولسنا للغَيرة
لكنْ للرأفة
لأتعابِ الضجر
ولسجودِ البحيرة.
ملاكانِ اثنان
وشيءٌ يلمع تحت العمر
يأخذ هواءَ البحيرة وشجرَ الهواء
يأكلنا ويحرق عشبَنا
ثم يغدو ذهبَ المعنى.
وفي منتصفِ العمر يجلس الملاكانِ على السدرة
حبيبين كصوتِ مياهٍ غزيرة
واحدٌ من هنا واحدٌ من هنا وبينهما بيتٌ للانهيار
الأول يروي: الموتُ غلطة
الثاني يروي: الحياةُ غلطة
وقصيدةٌ تروي غلطةَ الملاكينِ معاً.


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: