مياه غامضة - عقل العويط | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وصحفي وأستاذ جامعي لبناني (1952-)


236 | 0 | 0 | 0




في هذا المكان متّسعٌ من الأسرّة للأوقاتِ الساخرة
ونافذةٌ عالية تهرع إليها النجوم
ضحكةٌ تشدّد عزيمةَ السقفِ المتراخي
وردةٌ تعيد تأثيثَ هوائِهِ بالعطور
وترهقه بسيولةِ الوهم.
ثمة متّسعٌ لرحابةٍ
لسماءٍ توحي العتمَ وقلةَ الحيلة
كي يهتدي الفارّون الى هضابٍ وليل.
في هذا المكان شجرةٌ باسقة وظلالٌ لا تعثر على شمسٍ نائمة
خيالٌ لا يكلّ عن الارتقاء
أضواءٌ تتلاعب
صمتٌ يجلس ويحاور انعكاسَ الكراسي والقمر
ثمة متّسعٌ لامرأةٍ غائبة
لأصدقاءٍ لن يصلوا بعد قليل
لروحٍ ترحّب بنظرةٍ بائسة
ثمة متّسعٌ أيضاً لنبتةٍ تنتظر في الخارج
كي يقالَ إن المكان مأهول
لحوضٍ يائسٍ لا يجمع الماء
لافتراضٍ يدنو من الغياب
لأشياءَ
لكائناتٍ
لجروحٍ لا يقهرها الندم
لكتبٍ من غمامٍ وهدوء لا تؤلم الكلام
لانتظاراتٍ
لأغنيةٍ
لستائرَ لا تثير الغيظ
لبابٍ تغلقه ذاكرةٌ مفقودة
لهواءٍ لا يسيء الى الشجرةِ المقابلة
لأولادٍ مثل قفزةٍ في الهواء
لأملٍ متثاقلٍ يُشعل غضبَ الهوينا
لجرحٍ يردم الهوةَ بين العدم وبدايةِ الكتابة
للنهم
للرضا
لتعبٍ يلي امتلاءَ صفحة
لموتٍ يحوّم حول الغرفِ الساكتة ولا يؤذي أحداً
لموتين ثانٍ وثالثٍ
يتآخيان مع نسماتِ النور
مع قنديلٍ مفترَض وقرعِ الجرسِ في الأعياد
ثمة في هذا المكان أيضاً مأوىً لمسيحٍ تائه
للنسيان
لتجديدِ الجسد
لزرعِ الفتنة في القلب
للقتل
ثمة رغبةٌ في الثأرِ من الهواءِ البخيل
في لمسِ نظراتٍ خفيضة عندما تقترب من الجوار
في العثورِ على الحياة.
ثمة إحساسٌ بأن الجسدَ لم يمت
بأن الماءَ يسيل في الأعماق
بأن شهوةً تمنح الضوء أن يباشرَ فصوله
بأن الماضي
بأن العمرَ ومياهَ الشتاء
بأن الألمَ الغائرَ في أعماقِ النظر
بأن وجهاً يتغضّن من هبوبِ الأفكار
بأن قهوةً متروكةً على الشفتين
بأن جروحاً لامرأةٍ
لرجلٍ سابقٍ
لأشخاصٍ آخرين
للمساتٍ من غبارٍ أليم
لأصواتٍ على الطاولة
لثيابٍ لرفوفٍ لحركاتٍ جامدة
لصُوَرٍ تنبت على الحائط
من راحةِ اليد
من الرأس
لصُوَرٍ تختفي في غمامها
لبردٍ لا ينام في خزانة الشتاء
لكلماتٍ
لكلماتٍ ماضية وحاضرة يطير لهاثها من ذاكرةِ النافذة
لقتيلٍ يستجمع لحظةَ القتل
لقاتلٍ ينتظر
لامرأةٍ
لامرأةٍ خصوصاً.
في هذا المكان
متّسعٌ لرجلٍ
أو لفكرةِ رجل
متّسعٌ لامرأةٍ
لفكرةٍ عن امرأة
في هذا المكان متّسعٌ للوقت
للوقت
لشيءٍ آخرَ لا أعرفه
يؤثّث الحياة برغبةٍ غامضة.


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: