في مهبِّ الموت - فريد ياغي | القصيدة.كوم

شاعرٌ سوريٌّ (1991-) مقيمٌ في ألمانيا. يمتاز بصوت قصيدتِه الدافئ ولغته الجهورية.


3986 | 5 | 0 | 20



إلقاء: فريد ياغي


(ديوان: كي لا نكون)




أبكي إذا بعثرتِني في بوحكِ الصّوفي أغنيةً من الهمس الشّفيفْ
أبكي على خطوي الّذي لا يرتمي إلّا بدربِكِ
قربَ أوجاعِ الرَّصيفْ
أبكي معاركي الّتي ما خضتها يوماً
ملامحيَ الّتي لم تمنحيها فرصة أخرى
وأبكي كلَ قمحٍ يابسٍ
يهتزُّ في وترِ الرَّغيفْ
أبكي احتضار الضَّوءِ في وجعِ السُّؤالِ
وغفلةَ الظِّلِّ المشاغبِ عن تجليَّ الأخيرْ
أبكي احترافَ الله ألعابَ التَّخفِّي

وامتزاجَ الرُّوح بالجسدِ التُّرابيِّ الكسيحِ
فلا تطيرُ
ولا يطيرْ
أبكي مواقدَ وحدتي ...
إنْ أشعلتها الذّكرياتُ بما يسيلُ من الحنينْ
أبكي عيونَ الرّاحلينْ
ترنو إلى الخلفِ القريبِ
ودربها يمشي و يعثرُ خطوهُ بالعابرينْ
أبكي مواقد وحدتي ...
إن أشعلتها الذّكرياتُ بما يخربش ظلّكِ الوثنيّ في روحي
و أبكي ماءَ ليلي ...
إنْ تسرَّبَ من أصابعِ شهوتي
أبكي اعترافي بالبكاءِ لدمعتي
أبكي على العرشِ الّذي أغوته أغنيةُ الصّعودِ إلى سمائي كلّ حينْ


أبكي على قلبي الّذي قد مزَّقته جراحه بين المنافي و النّساءْ
أبكي على البارودِ ... يُحرقُ نفسه
لا يربح النّسيان للغدِ
بل يسافر حين تقتسم المعارك ملح دمعي بغتةً
وترشُّهُ لِتُنَكِّهَ الحربَ الطّويلة بين شيطانِ البسيطةِ و السّماءْ
أبكي على وقتي ...
الّذي لا ينقضي إلا بِلَسْعِ عقارب الكون الغريب
ولا يحنُّ إلى سواهْ
و يعود منفياً
تباركهُ الحياةُ هناكَ في اللّاوقت لحظةَ قبلةٍ
ويظلُّ يرجفُ
حدّ أنْ يمضي ويبلغَ ليلُهُ في الصَّمتِ وحياً منتهاهْ

***


متعثّرٌ بالأغنياتِ
وماءُ لحني داكنٌ
يقتصُّ من لغةِ اليبابْ
سمراءُ أغنيتي أنا
فلترقصي يا ريحُ خلفَ البابِ
لا
لا تدخلي
أحلامي الحسنى تخافُ من الرِّياحِ إذا مضتْ في غيِّها
وتئنُّ إنْ عوتِ الشَّبابيكُ الوحيدةُ لحظةً
وتسيرُ مسرعةً إلى بؤس السّرابْ
سمراءُ أغنيتي بلونِ الأرضِ
تكبرُ
ثمَّ تكبرُ
ثمَّ تبقى طفلةً ...
تبكي إذا جرحتْ ملامحها مخالبُ لعبةٍ سوداءَ يلعبها الكبارْ

سمراءُ أغنيتي
ووحيي أشقرٌ
وعيوني الجذلى امتدادٌ للمروجِ
ووجهي البدريُّ أبيضُ
واقتراحُ النَّبضِ في جنبيَّ نارْ
سمراءُ أغنيتي
و أوتاري ترابٌ
واقتباسُ اللَّحنِ قمحٌ أخضرٌ
يا قمحُ ...
يا وحي المرافئ أنتَ أشهى من وصولِكَ
كم سيوفٍ قطّعتك على دروبِ العابرينَ ؟!
وكم عيونٍ كسرتك على زجاجِ الجائعينَ ؟!
هناكَ كم قتلوكَ ؟!
كم صلبوكَ يا قمح ؟!
اعترف ...
وبقيتَ أنتَ و هم مضوا
يا قمحُ.. يا صبرَ المواسمِ والفرحْ
سمراءُ أغنيتي
وصوتي غامضٌ
يشتقُّ أحرفهُ من اللُّغة القديمةِ واحتمالاتِ القُرَحْ
سمراءُ أغنيتي
وأنتِ حبيبتي سمراءُ
خلخالُ اللَّيالي شاهدٌ يا بنتُ كم لبثتْ معاركنا هناكْ !
يا بنتُ..
ضوؤكِ حين يحرسُ دمعتي أشهى من الصبح المسافرِ
واقترابُكِ من نجومي قبلةٌ أخرى ستغفرُ ما تقدَّمَ من ذنوبِ اللَّيلِ
رجفتكِ اعترافي بالشِّتاءِ
و ثغركِ الورديُّ ناصيةُ الرَّبيع
فمنْ سوايَ ؟؟ و من سواكْ ؟؟


يا بنتُ ...
صوتي حين ينشد حرفكِ المجنونَ أحلى
عيني الشَّقراءُ حين تطلُّ من عينيكِ أشهى
صدري الصُّوفيُّ حينَ يضمُّ أغنيتيكِ أنقى
أنتَ أغلى من جموحِ الأمنياتِ
و أنتِ أعلى من طموحِ الفاتحينَ
وأنتِ أجملُ من نجومٍ لا تسافرُ في سماكْ
يا بنتُ..
يا سرَّ العبيرِ
إليَّ نغفو ساعةً في الحُلمِ خلف العمرِ
كي تربو ملامحكِ الشَّفيفةُ ثمَّ أقطف من جناكْ

***



عذراءُ خاليةٌ من المعنى حروفي
وانسكابي خلفَ صمتي صبوةُ الإيقاعِ والمعنى النديِّ
ونحنُ أبناءُ الحياةِ نعيشُ كي تحيا الحياةُ
نموتُ كي نحيا
نموتُ إذا خبت كلماتنا
ونموتُ حين الظِّلُّ يغتالُ الضِّياءَ
نموت حين اللَّيلُ ينتحلُ الحقيقةَ وحدهُ
ونموتُ حينَ الأمسُ يغدو كلَّ حاضِرنا
نموتُ إذا اكتفى من دمعنا الوقتُ
كم مرةٍ!!
كم مرةٍ سنموتُ يا موتُ!!!
يا موتُ..
صوتكَ كاحتمال الحبِّ
يولدُ
ثمَّ يكبرُ
ثمَّ يقتلُهُ النَّدمْ

يا موتُ..
يا ثدي الهباءِ
جميعنا بعد الرّضاعة أخوةٌ
لا تستحي أجسادنا النَّوم الشَّهيَّ على فراشٍ من عدمْ
يا موتُ..
يا ذاكَ النَّبيَّ الظَّالمَ المرتابَ ممَّن آمنوا
كم مؤمنٍ أحصيتهُ بين الضحايا!
كم شهيدٍ في سبيلكَ أنتَ قاتِلُهُ!
وكم عينٍ قتلتَ ضياءها في الفجر ظلماً كي تراكْ!

يا موتُ..

علّمني جنونكَ
كيف تقتل حين تعشقُ؟!
كيف تبتكرُ الصّدى في ذكرياتٍ أنتَ أنجزتَ النِّهاية في محاجرها؟!
وكيفَ إليكَ تتَّجهُ الأمورُ
إليكَ.. لا أحدٌ سواكْ؟!
يا موتُ علِّمني انتماءَكَ للجميعِ
وكيفَ تلتمعُ النُّجوم بفلككَ الغافي وتسرحُ في سماكْ

يا موتُ ...
علِّمني خروجكَ عن نصوصٍ لستَ كاتبها
وعلِّمني قبولَ الآخرينَ

لكلِّ ما كتبتْ يداكْ


يا موتُ جرِّبني
وخذني
ربّما أغدو تراباً يستحقُّ العيشَ أكثرَ
ربَّما أغدو كما تغدو جميعُ الأمنياتْ
يا موتُ جرِّبني
و كنْ منِّي كما قدْ كنتُ منكَ
وأوقد الرُّؤيا على غدي المسافر في دروبِ الذِّكرياتْ
يا موتُ..
جرِّبني و حوِّلني لكسرةِ خبزِ حبٍّ
إنْ غوتْ تكفي لقوتْ

يا موتُ..
جرِّبني
وجرِّبني
لعلِّي لا أموتْ!









الآراء (3)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




ضروع الصخر
( 2.7k | 5 | 17 )
بطاقة تعريف-2
( 2.7k | 5 | 17 )
حرف من قاموس الفلاسفة
( 2.5k | 5 | 17 )
الأحجية
( 2.5k | 5 | 18 )
متعب أنت
( 2.5k | 5 | 17 )
ياقوتتان
( 2.5k | 5 | 17 )
وجه الحقيقة
( 2.5k | 5 | 21 )
جراحات طوق الحمامة
( 2.4k | 5 | 17 )
بعد عشر سنين
( 2.4k | 5 | 16 )
أكبر من أغانينا
( 2.2k | 5 | 17 )
سماء ثامنة
( 2.1k | 5 | 18 )
كي لا نكون
( 2.1k | 5 | 18 )
فصام
( 2k | 5 | 18 )
حيثُ الشّام
( 1.9k | 5 | 17 )
العائد إلى المنفى
( 1.9k | 5 | 19 )
ما سَوفَ يَأتي
( 1.8k | 5 | 18 )
رسالة للحب
( 1.8k | 5 | 17 )
بطاقة تعريف-1
( 1.7k | 5 | 17 )
زيفٌ مضيء
( 1.7k | 5 | 17 )
ضِفَّتانِ لمأوى الغَريب
( 1.7k | 5 | 17 )
في مهبّ الصّمت
( 1.7k | 5 | 17 )
ليل تشرين
( 1.3k | 5 | 17 )
لا تَطْرُقِ الحزنَ
( 508 | 0 | 0 )
رباعيَّات الخِيام
( 434 | 5 | 1 )
حنينٌ مشطور
( 427 | 0 | 0 )
أَنْتِ بَحْري
( 399 | 0 | 0 )
الخّيْبَةُ الحُسْنى
( 385 | 5 | 1 )
ذاكِرَةٌ بِلا صَدى
( 368 | 0 | 0 )
الدَّامون
( 361 | 0 | 0 )
لمن في الشّام
( 361 | 5 | 1 )
هي زفرةٌ أخرى
( 351 | 0 | 0 )
أُرْجوْحَةٌ لِاقْتِنَاصِ الخَيالِ
( 348 | 5 | 1 )
عكازةُ الغيب
( 345 | 0 | 0 )
حينَ صادَفْتُ حُزْني
( 343 | 0 | 0 )
هُطولٌ مُفاجِئٌ لِغُيومٍ مُؤَجَّلةْ
( 335 | 0 | 0 )
مَنْ غَيرُكِ الوَحْيُ
( 331 | 0 | 0 )
الدّرويش
( 331 | 0 | 0 )
رملةٌ لبحارِ العين
( 326 | 0 | 0 )
انعكاساتٌ لدماءٍ موريسكيَّة
( 325 | 0 | 0 )
نهاية حلم
( 325 | 0 | 0 )
مِنْ فَرطِ ما عَصَفوا
( 320 | 0 | 0 )
كفٌّ مِن لهيبِ الجِنان
( 318 | 0 | 0 )
ما لَمْ تَبُحْ بِهِ أَوْجاعُ الكَمَنْجَة
( 317 | 0 | 0 )
في انْتِظارِ الله
( 317 | 0 | 0 )
بيادرُ الموت
( 316 | 0 | 0 )
بَعْدَ مُنْتَصَفِ الشِّعر
( 312 | 0 | 0 )
مياهُ الوَقت
( 266 | 0 | 0 )
حينَ يُشْبِهُني البَعيدُ
( 263 | 0 | 0 )
لَمْ يَكُنْ رَقْصاً.. كانَ تَعَثُّراً
( 263 | 0 | 0 )
مُحاوَلَةُ غُفْرانٍ فاشِلَة
( 261 | 0 | 0 )
الأعمى
( 255 | 0 | 0 )
قبل انفلاتِ القوس
( 254 | 0 | 0 )
شُروقٌ مُبْهَم
( 253 | 0 | 0 )
حينَ تَبَخَّرَتْ
( 252 | 0 | 0 )
صَبْرٌ لآخِرِ جُرعَةْ
( 252 | 0 | 0 )
لا شَيْءَ أَعْلى
( 247 | 0 | 0 )