( في رثاء جدتي عليها رحمة الله)

عينُ الجراحِ على الأوراقِ مُطبَقةُ
فلْتذرفي الآن بعض الآهِ يا رِئةُ

صُبِّي عليَّ قدورِ الحُبِّ ... من دمها
بلّي المعاجم كيلا تظمأَ اللغةُ

يا قشعريرةَ نبضي، تلك أوردتي
وأضلعي في رحابِ الله خاشعةُ

تظلُّ تحثو تُرابَ الصبر في وجعي
وجمرةُ الحبِّ - يا لله - مُوقَدةُ

أُلقي على الجسدِ النوريِّ حمحمتي
وكفُّ حُبّي على الأكفان باردةُ

ظلَّتْ هناكَ يلفُّ الموتُ رعشَتها
وقد هوتْ في بلاط الدمع مِنسأةُ

ودابَّة الحُزنِ تمشي نحو أضلعهم
لتأكل الروح ... حتى تلتوي الشَفَةُ

يُغسِّلون بماء السدر أعيُنَهُم
ويُومِضون صلاةً كلَّما بَهُتوا

وينفُضونَ غُبار الجُرْحِ عن فَمِهِمْ
ويخشعون... لِتُتلى ثَمَّ فاتحَةُ

يا جدَّتي.. كيف يُعمِي الموتُ ذاكرتي
وأنتِ في عتمة الأزمان بارقةُ

جلستُ فوق حصيرِ النور في أدبٍ
عليكِ أنزفُ والأوجاعُ صاخبةُ

تغفو بوجهكِ أصداءُ الحنانِ وقَدْ
تضوعَتْ من طلوحِ القلبِ مِبْخَرةُ

هذا الدخانُ طهوراً قد طلا جُدَرَ ال
سماءِ... يرقى وما في الكوخ مِصْعَدةُ

هذي حواصلُ طيرٍ قد عَنَيْتِ بها
لذاكَ... حولكِ زُغْبُ النورِ حائمةُ

يا جدَّتي يا حنانَ الله... يا وهجاً
على امتدادِ سهولِ الحُزنِ يلتفتُ

أبكي عليك و(عبدُ اللهِ) في كنفي
وصورةُ النعش في عينيهِ وامضةُ

طُهْراً مضيتِ فمن يرقيهِ من حسدٍ
وصوتُكِ الحلوُ في أُذْنيهِ مُنخفِتُ

لله ما يغسلُ الأحزانَ من وجعٍ
وللحفيدِ بصدرِ الجَدِّ غمغمَةُ

ما أطيب الروح إذ تزهو مُشيَّعةً
على الشهادةِ... لا ظُلمٌ ولا عَنَتُ

وقفتُ في الزخمِ المفجوعِ مُرتبكاً
أقبِّلُ الوجه... كم يا أنتِ مُشْرِقَةُ