الأربعونَ إلّا سِنةً/ سَنَةً - إيمان عبد الهادي | القصيدة.كوم

شاعرةٌ أردنيّةٌ. تحمل الدكتوراة في النقد. لها لغةٌ صوفيّةٌ قلَّ مثيلُها في الشعر النسوي.


542 | 0 | 0 | 0




حدّقي في الضّبابْ
هناك تَرينَ ثلاثينَ كفّاً وتسعاً: تلوّحُ ساطِعةً في المهبِّ، وطافيةً كالكتابْ
كتابِ حياتي الذي سيكونُ كتابَ التآويلِ،
لكنّه، لن يكون كتابَ الحِسابْ
.
رأيتُ ملاكاً على شرفةِ البيتِ يكتبُ عمري
فأحضرتُ مثل الملاكِ أنا دفتري وكتبتُ القصيدةَ، هذي القصيدةْ
- أأنتِ سعيدةْ؟
ضمّني صوته الخُلّبيُّ
فبحتُ بسرّي
ولكنّهُ قالَ: أعرفُ!
لا أتذكّرُ بالضّبطِ ما قالَهُ، قالَ أعرِفُ أو قالَ أدري!
لا يهمُّ... وسامحتُ سِرّي!
وتسامى الملاكُ بمثنى، ثُلاثَ، رُباعَ من الأجنحةْ
إلى سِدرةِ اللغةِ المُفرِحةْ
ورفرفَ -مثلَ الهُتاماتِ- في الذّكرياتِ البعيدةْ
.
أنا لكَ يا شعرُ
خذني إلى جبلٍ كانَ حدّثني (الشّيخُ) عنهُ
إلى حيثُ تلتفُّ أفعى على قِمّةِ القافْ*
لبحرِ الظّلامِ، المنامِ، الكلامِ... الصّدى: "ليسَ تأويلَ رؤيايَ"
خُذني
لبحرٍ بغيرِ ضفافْ
إلى سلّمِ الرّيحِ خُذني؛ لنصعدَ جُرحَ الشّغافْ
لكي نتوضّأَ بالدَّمِ... خذني
إلى كعبَةٍ... رَبَّةٍ... جُبّةٍ... يرتديها المُريدُ
ويبدأُ طقسَ الطّوافْ
.
إلى أينَ في آخرِ الدّربِ عندَ الثّلاثينَ، يا شعرُ
أيُّ الأيادي ستقطفُ تفّاحةَ النّصِّ؟
ثمَّ إلى أينَ من جنّةِ النّصّ -يا سيّدي- المهرَبُ؟
وأيُّ اليدينِ لآدمَ: آدمُكَ السّيّدُ، النّبويُّ، الأبُ؟
فإنْ قلتُ في النّصِّ: "أقطِفُ تفّاحةً" وأنا لستُ أقطِفُها
أيُّنا المذنِبُ؟
يدي حينَ تقطفُ أم هل تراها يدي حينما تكتبُ!
إلى أينَ يا شِعرُ؟
يا أيّها الرّجُلُ الطّيِّبُ
.
بعد عام إذن -إنْ حييتُ- أغادرُ (أولمبَ) هذي الثلاثينَ من غير عودةْ
لقد كنتِ طافحةً بالمودّةْ
يا سِنيَّ الكثيرةَ: بالحبِّ والرّعبِ، والأُنسِ والحدسِ، والكونِ والحُزنِ، والمحوِ والصّحوِ، والدَّهَشَاتِ: بكلِّ يقينٍ ورِدّةْ
سأكذبُ مثل النّساءِ
لقد كنتِ أجملَ تسعٍ و(عشرينَ) وردةْ!
.
كما قالَ (بوسيدونُ): عيناكِ أكثرُ من موجةِ الحبِّ زُرقةْ
وإنْ كنَّ بنّيّتينِ، وأكثَرُ حُرقَةْ
لأنّكِ (بحرٌ) ولستِ (مدينةْ)
لأنِّك شوكُ التضوّرِ في ياقةِ الزّهَراتِ اللعينةْ
لأنّكِ صفصافةٌ... قمرٌ للقلوبِ الظّعينةْ
وكلُّ امرئٍ شاهدَ العِطرَ، ضمّدَ فيهِ يقينَهْ
وداعاً أثينا
.
وداعاً لآخرِ سيّدةِ/ سَنَةٍ في الثّلاثينْ
عامِرةٍ بالملاعِقِ والشّعرِ والقهرِ، والطّهوِ والزّهوِ، والخيلِ والليلِ، والمُنتهى والصّحونْ!
لا أزالُ -كما قالَ لي والدي في منامِ الضُّحى- جدولاً للحنينْ
ربّما صرتُ نهراً، إذا بلغَ الأربعونَ مصبَّ (العيونْ)!
لا تزالُ "طريقي... طريقيَ" مشّاءةً، متأمّلةً للوجودِ الحزينْ
"والجنونُ الذي قادني لا يزالُ أميرَ الجنونْ"!






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: