الموت المعاد - أدونيس | القصيدة.كوم

شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة الإكليل الذهبي عام 1997، وجائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)


1105 | 3 | 2 | 0




إلقاء: أدونيس



"مرثية بلا موت"

أركضُ خلفَ الوطنِ المسجونْ
في غابةِ الأعراسِ في طفولةِ الأجراسْ؛
أستنفرُ الأهدابَ والظنونْ
حول سرير العشبِ والحصادِ
وأُسرجُ الأفراسْ
نحوكِ يا بلادي
يا وطنَ الثلج على الجفونْ.
** **

"مرثية عمر بن الخطاب"

صوتٌ بلا وعدٍ ولا تعلّةْ
يصرخُ، والشّمسُ له مظلّةْ،
مَتى ، مَتى تُضربُ يا جِبِلَّةْ؟

ويا صديقَ اليأس والرجاءْ
أَلحجَرُ الأخضرُ فوق النارْ
ونحن في انتظارْ
موعدِكَ الآتي من السماءْ.
** **

"مرثية أبي نواس"

تائهٌ والنهارُ حولك دهرٌ من الدِّمَنْ
شاعرٌ كيف يَشرئبُّ
على وجهِكَ الزَّمَنْ
عارفٌ أنني وراءَكَ في موكب الحجَرْ
خلف تاريخنا المواتْ
أنا والشعرُ والمطَرْ
ريشتي ناهدُ الجواري وأوراقيَ الحياةْ.

خلِّنا يا أبا نَواسْ
الليالي تلفُّنا بالعباءاتِ والدِّمَنْ
وأحبّاؤنا طُغاةٌ مراؤونَ كالسماءْ
خلِّنا للعذاب الجميل وللرِّيح والشَّرَرْ
نقتلُ البعثَ والرجاءْ
ونغنّي ونستجيرُ ونحيا مع الحجَرْ
نحن والشعر والمطرْ،
خلِّنا يا أبا نواسْ.
** **

"مرثية الحلاج"

ريشتُكَ المسمومةُ الخضراءْ
ريشتُكَ المنفوخةُ الأوداج باللهيبْ
بالكوكبِ الطالعِ من بغدادْ،
تاريخُنا وبعثُنا القريبْ
في أرضِنا - في موتنا المُعادْ.

أَلزّمنُ استلقى على يديكْ
والنار في عينيكْ
مجتاحةٌ تمتدُّ للسماءْ
يا كوكباً يطلعُ من بغدادْ
محمّلاً بالشعر والميلادْ،
يا ريشةً مسمومةً خضراءْ.

لم يبقَ للآتينَ من بعيدْ
مع الصدى والموتِ والجليدْ
في هذه الأرض النشوريّةْ -
لم يبقَ إلا أنتَ والحضورْ
يا لغة الرّعد الجليليّةْ
في هذه الأرض القشوريّةْ
يا شاعر الأسرار والجذورْ.
** **

"مرثية بشار"

لا تبْكهِ واتركْهُ للسوطِ وللخليفةِ المجنونْ
وسَمِّهِ الشّيطانَ أو فَسمّهِ الطاعونْ
فَهْو هُنا، هناكَ لا يزالْ
يهدرُ في الشوارع الصمّاءْ
يهدرُ في أغوارنا الخرساءْ
يهدرُ كالزّلزالْ.
وهو هُنا، هناك لا يزالْ
أعمى بلا أرضٍ ولا مدينةْ
يبحث عن لؤلؤةٍ زرقاءْ
تحفظها أشعارُهُ الأمينةْ
للسّنةِ العجفاءْ.
** **

"مرثية"

أيها الميّتُ فوق الخشَبَةْ
يا صديقي
رَسَمَتْ وجهَكَ أزهارُ الطريقِ
وَمَشَتْ خلف خطاك العَتَبَةْ.
** **

"مرثية"

أَلغبارُ يُغنّيكَ يرفعُ أشعارَهُ إليكْ
مانِحاً للمَهاوي خُطاكْ
راثياً هذه البقايا
من أغانيكَ من رؤاكْ.

أَلغبارُ يُغطّي زجاجَ الفصولِ
يغطّي المرايا
ويُغطّي يديكْ.
** **





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.