شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)
585 |
0 |
0 |
2
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "طرف العالم" لـ "أدونيس"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "طرف العالم" لـ "أدونيس"
طرف العالم 0
مشاركة القصيدة
إلقاء: أدونيس
"مزمور"
أخلقُ للريحِ صدراً وخاصرةً وأسندُ قامتي عليها. أخلقُ وجهاً للرفض وأقارنُ بينه وبين وجهي. أتخذُ من الغيوم دفاتري وحبري، وأغسلُ الضوء.
للشقائقِ زينةٌ أتزيّا بها، للصنوبرةِ خصرٌ يضحكُ لي، ولا أجدُ من أحبّهُ – هل كثيرٌ إذن، أيها الموتُ، أن أحبَّ نفسي؟
أبتكر ماءً لا يرويني. كالهواءِ أنا ولا شرائعَ لي – أخلقُ مناخاً يتقاطعُ فيه الجحيم والجنة. أخترع شياطينَ أخرى وأدخل معها في سباقٍ وفي رهان.
أكنسُ العيونَ في غباري. أتسلّلُ في أليافِ الماضي فاتحاً ذاكرةَ الأولين. أنسجُ ألوانَها وألوّنُ الإبر. أتعبُ وأرتاحُ في الزرقة – يُشمسُ تعبي ويُقمرُ في لحظةٍ واحدة.
أُطلقُ سراحَ الأرض وأسجنُ السماء، ثم أسقطُ كي أظلَّ أميناً للضوء، كي أجعلَ العالمَ غامضاً، ساحراً، متغيّراً، خَطِراً؛ كي أعلنَ التخطّي.
دمُ الآلهةُ طريٌّ على ثيابي. صرخةُ نورسٍ تصعدُ بين أوراقي – فلأحملْ كلماتي ولأمْضِ...
** **
"سفر"
مسافرٌ دونما حراكِ:
يا شمسُ، من أينَ لي خُطاكِ؟
** **
"طرف العالم"
ما هَمّني الممكنُ - أفرَحَ أو آلمْ،
ففي تراتيلي
أُبدِعُ إنجيلي
أبحثُ عن مَخبأْ
عن عالمٍ يبدأْ
في طَرَفِ العالمْ.
** **
"آدم"
وَشْوَشَني آدَمْ
بغَصّةِ الآهِ
بالصّمتِ بالأنَّهْ -
"لستُ أبَ العالمْ
لم ألمحِ الجنَّهْ
خُذْني إلى اللهِ".
** **
"جزيرة الحجر"
حول خُطايَ تُبْتكَرْ
جزيرةٌ من الحجَرْ
من الشّررْ -
أمواجُها مقيمةٌ
وشطُّها على سَفَرْ.
** **
"ريشة الغراب"
1
آتٍ بلا زهرٍ ولا حقولِ
آتٍ بلا فصولِ؛
لا شيءَ لي في الرّمل في الرّياحْ
في روعة الصَباحْ
إلا دَمٌ فتيّ
يجري مع السماءْ
والأرض في جبينيَ النبيّ
رَفُّ عصافيرٍ بلا انتهاءْ.
آتٍ بلا فصولِ
آتٍ بلا زهرٍ ولا حقولِ
وفي دمي نبعٌ من الغبارْ؛
أعيش في عينيّ
آكل من عينيّ -
أحيا ، أسوقُ العمرَ في انتظارْ
سفينةٍ تعانقُ الوجودْ
تغوصُ للقرارْ
كأنها تحلمُ أو تحارْ
كأنها تمضي ولا تعودْ.
2
في سَرَطان الصّمتِ في الحصارْ
أكتبُ أشعاري على الترابِ
بريشةِ الغرابِ،
أعرفُ، لا ضوءَ على جفوني -
لا شيءَ، إلا حكمةُ الغُبارْ
أجلسُ في المقهى مع النهارْ
مع خَشَبِ الكُرسيّ
وَعَقِبِ اللُّفافةِ المرميّ
أجلس في انتظارْ
موعديَ المنسيّ.
3
أريدُ أن أجثوَ أن أصلّي
للبومة المكسورةِ الجناحْ
للجمر للرياحْ،
أريدُ أن أصلّي
للكوكبِ المشدوهِ في السماء
للموتِ للوباءْ،
أريدُ أن أحرقَ في بخوري
أياميَ البيضَ وأغنياتي
ودفتري والحِبرَ والدواةْ
أريدُ أن أصلّي
لأيِّ شيءٍ يجهلُ الصلاةْ.
4
بيروتُ لم تظهرْ على طريقي
بيروتُ لم تُزهرْ وها حقولي
بيروتُ لم تُثْمِرْ
وها ربيعُ الجراد والرمل على حقولي،
وحدي بلا زهرٍ ولا فُصولِ
وحدي مع الثمارْ
من مغرب الشمس إلى ضُحاها
أعبرُ بيروتَ ولا أراها
أسكنُ بيروت ولا أراها...
وحدي أنا والحبّ والثمارْ
نمضي مع النهارْ
نمضي إلى سواها.
** **
رحلت شبابيكي-
فما من زهرةٍ ما من كتابِ
أنا والزوايا،
لي خيوطي الواهناتُ ، ولي غُرابي.
** **
"الباب"
منذ أسابيعَ وأجفانُهُ
تربضُ في البابِ
أَلجسمُ في فِراشه ضائعٌ
يبحثُ والقلبُ على البابِ
ما من يَدٍ دّقّت على البابِ؛
يشتاقُ أن يبكيَ -
ما أكرمَ البكاء ما أغناهُ، في نهرِه
سَفينةٌ تُقِلُّ أحبابي.
** **
"من أنت؟"
عينايَ عند فراشةٍ
والرّعبُ يضربُ أُغنياتي
- مَنْ أنتَ؟
- رمحٌ تائِهٌ
رَبٌّ يعيشُ بلا صلاةِ.
** **
"نوح الجديد"
رحنا مع الفُلْك، مجاديفُنا
وعدٌ من الله، وتحت المطرْ
والوحلِ، نحيا ويموتُ البَشرْ...
رحنا مع الموجِ، وكان الفضاءْ
حبلاً من الموتى، ربطنا به
أعمارَنا، وكان بين السماءْ
وبيننا، نافذةٌ للدعاءْ:
"يا ربّ، لِمْ خَلّصتَنا وحدَنا
من بين كلّ الناس والكائناتْ؟
وأين تُلقينا، أفي أرضكَ الأخرى،
أفي موطِننا الأولِ
في ورَق الموت وريح الحياةْ؟
يا ربّ فينا، في شراييننا
رعبٌ من الشّمس؛
يئسنَا من النّور،
يَئسنا من غدٍ مُقبلِ
فيه نُعيدُ العمرَ من أوّلِ".
"يا ليت أنّا لم نصرْ بذرةً
للخلقِ، للأرض وأجيالها
يا ليت أنّا لم نزل طينةً
أو جمرةً أو لم نزلْ بين بينْ
كي لا نرى العالم، كي لا نرى
جحيمَهُ وربّهُ مرّتينْ."
لو رجعَ الزمانُ من أولٍ
وغمرتْ وجه الحياة المياه
وارتجفَ الكونُ وخفّ الإلهْ
يقول لي، يا نوح أنقذْ لنا
الأحياءَ، لم أحفلْ بقول الإلهْ
ورحتُ في فُلكي أزيحُ الحصى
والطين عن محاجر الميتين
أفتح للطوفان أعماقهم
أهمسُ في عروقهم أننا
عُدنا منَ التيه، خرجنا من الكهفِ
وغيّرنا سماء السّنين.
وأننا نُبحرُ، لا نَنْثني رعباً
ولا نُصغي لقول الإلهْ،
موعدُنا موتٌ، وشطآننا
يأسٌ ألفناهُ، رضينا به
بحراً جليديّاً حديدَ المياهْ
نعبرهُ نمضي إلى منتهاهْ
نمضي، ولا نصغي لذاك الإلهْ
تُقنا إلى ربٍّ جديدٍ سواهْ
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)