0 تقييم
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
الرِّحْلَة
(إِلَى رُوحِ وَالِدِي المَرْحُوم جَعْفَر محَمَّد صَدِّيق)
نَبْضُ الغَرِيبِ إِذَا اِتسَقْ
يَمْضِي القِطَارُ بِنَا
فَتَكْتُبُنَا المَحَطَّاتُ الَّتِي خَانَتْ مَلامِحَنا
حكايا مِنْ غُبَارِ الوَقْتِ
نَغْفُو ثَمَّ نَصْحُو
مِثْلَمَا الأَشْجَارُ تَصْحُو عِنْدَ بَابِ الصَّيْفِ أَحْيَانًا،
فلَا نَجِدُ الرَّفِيقَ وَلَا الوَرَقْ
مَا بَالُ هذا الدَّرْب لَا يُفْضِي لِخَاتِمَةٍ تُرَيِحُ القَلْبَ
كَيْ أَخْتَارَ مِنْ بَعْضِ الرِّفَاقِ صَدِيقَ عُمرٍ،
أَوْ نديماً يَشْتَرِي مِنَى البَقِيَّةَ مِنْ أَرَقْ
مَضَتْ الدُّرُوبُ بِنَا إلى حيث المدى واللا وُصُولِ
وَلَا اِنْتِظَارَ سِوَى التَّرَقُّبِ،
للذي يَوْمًا سَيَأْتِي فِي الخِتَامِ بِمَنْ صَدقْ
هَذِهِ الحَقَائِبُ كُلُّهَا لَا تَحْتَوِي الزادَ المُنَاسِبَ لِلرَّحِيلِ،
فجُلِّهَا ملأى بِدَمْعِ الوَاقِفِينَ عَلَى رَصِيفِ الشوقِ دَوْمًا،
فِي اِنْتِظَارٍ القَادِمِينَ مِنْ الرهقْ
وَمَضَى القِطَارُ بِمَا وَسقْ
...................
قَلْبِي يَعُودُ إِلَى الوَرَاءِ،
إِذَا القِطَارُ مَضَى بخطوِي لِلأَمَامِ،
وَمَا دَرَيْت ُ بِأَنَّنِي بَعْضُ اِنْتِشَارِكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ،
لَمْ أَعرف بِأَنَّكَ لَنْ تكُونَ مَعَي،
لِأُعَبرَ مِنْ رَحِيقِ الخطوِ نَحْوَ القَاعِ أَوْ لِلسَّطْحِ يا أبتي،
وَكَانَ الدَّرْبُ مُنْذُ البَدْءِ بَعدَك خالياّ مِنْ رِفْقَةٍ تَخْطُو أَمَامَ القَلْبِ،
كَيْ أَخْتَارَ نَبْضِي حَيْثُ لَا خطوٌ يَطلُّ وَلَا طَرِيقْ
وَمَضَى قِطَارُ العُمْرِ بِي،
نَحْوَ المَحَطَّاتِ المُغلّقةِ المَدَاخِلِ،
كُلَّمَا يممتُ وَجْهِي صَوْبَ آخَرِهَا أَرَاكَ عَلَى الرَّصِيفِ،
فَاسْتَحِي أَنْ أَلْتَقِيَكَ وَدَاخِلي الأَسْفَارُ نَحْوَ المُسْتَحِيلِ،
لِكَيْ أَرَانِي شَامِخًا كالنخلِ،
طَلْعاً بَاسِقاً نَحْوَ السَّمَاءِ وَكُلّ ظِلِّي لَيْسَ لِي
فَأَعُودُ شَيْئاً مِنْ عِتَابِ الرُّوحِ،
كَيْفَ الخطو ضَلَّ وَأَنْتَ دَوْمًا فِي الرَّصِيفْ؟
أَبَدًا تُسائلني وَمَا عَلَّمَتْنِي،
أَنَّ اِنْكِسَارَ النخلِ فِي وَجْهِ الرِّيَاحِ مُبَرِرًا لِلاِنْحِنَاءِ
وَلَمْ تَقُلْ لِي،
كَيْفَ اخْتَارُ الرَّفِيقَ إِذَا ادلهمّ اللَّيْلُ فِي زَمَنِ الرَّمَادِ
وَلَمْ تُعَلِّمْنِي السُّقُوطَ مُؤَقَّتًا،
حِينَ اِنْكِسَارِ الرُّوحِ فِي تَقْبِيلِ إيدي الآخَرِينَ
وَلَمْ تَقُلْ لِي كَيْفَ أَهْرُب ُ مِنْ دَمَي،
كَيْ يَرْبَحَ الإِنْسَانُ فِي حَرْبِ السُّقُوط
وَأَنَا تَعِبْتُ مَنْ اِلْتِفَاتِيَّ دَائِمًا لِلخَلَفِ،
حَيْثُ أَرَاكَ ذَاتَ الأَسْمَر الصِّدِّيق،
تَرقُبُ خُطْوَتِي
وَأَنَا تَعِبْتُ،
لِعَلَنِي لَسْتُ الَّذِي أُودَعَتَ أَسْرَارَ اِنْتِشَارِكَ فِيهِ،
أَوْ خَطَأً ظَنَنْتُكَ مَنْ أَرَاهُ على الرَّصِيف،
وربما سهواً تَبِعْت رُؤَاك فِي حلمِ
انتشاريّ في وَصِيَّتكَ الأَخِيرَة لِي