والبحر لا يوجد في ما بعدُ - جيورجيوس سيفريس | اﻟﻘﺼﻴﺪﺓ.ﻛﻮﻡ

شاعر يوناني حاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1963 (1900-1971)


648 | 0 |




وأنا وليس معي سوى قصبة في يديّ.
كان الليل مقفراً، والقمر محاقاً،
والأرض تعبق برائحة المطر الأخير.
همستُ: الذاكرة توجع حيث تلمسها،
ثمة سماء قليلة فقط، وليس ثمة مزيد من البحر،
وما يقتلونه نهاراً يحملونه في عربات يفرغونها خلف التلال.

كانت أصابعي تسير على غير هدى فوق هذا الناي
الذي وهبني إياه راعٍ عجوز لأنني قلتُ له مساء الخير.
الآخرون ألغوا كلّ أنواع التحيّة:
يستيقظون، يَحْلقون، ويبدأون يوم أشغال الذبح
كما يقلّم المرء أو يشغّل آلة، بدأب، بلا انفعال؛
الأسى مات مثل بتروكلس، ولا أحد يرتكب خطأً.

فكّرتُ في عزف لحنٍ ما ثم شعرتُ بالخجل أمام العالم الآخر
ذاك الذي يراقبني من خلف الليل ومن قلب ضيائي
المنسوج من أجساد حيّة، من قلوب عارية
وحبٍّ يعود إلى الأرواح المنتقمة
ويعود إلى الإنسان وإلى الحجر وإلى الماء وإلى العشب
وإلى الحيوان الذي يحدّق مباشرة في عين حَتفه القادم.

وهكذا واصلتُ السير على طول الدرب المظلم
وعرّجتُ على بستاني وحفرتُ ودفنتُ القصبة
وهمستُ من جديد: ذات يومٍ سوف يأزف البعث
وسيتألق ضياء الفجر قانياً والأشجار ستزهر في الربيع،
وسيولد البحر ثانية، والموجة سوف تقذف أفروديت من جديد.
نحن، جميعاً، بذرة فانية. ثم دلفتُ إلى بيتي الخالي.





(ﺟﻤﻴﻊ ﺗﺮﺟﻤﺎﺕ صبحي حديدي)
اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ (0)   






دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: