رسائل ماريبوزا - جيمي سنتياغو باكا | اﻟﻘﺼﻴﺪﺓ.ﻛﻮﻡ

شاعر أمريكي من أصول هندية مكسيكية (1952-)


743 | 0 |




(مقتطفات)

كطائرِ الكِيتْزال البرّاقِ أنا
أفيضُ ضياءً وجناحايَ الثّقيلانِ
المنتشرانِ يرذّانِ على السماواتِ الباكرة
وفوقَ الآفاقِ البيضاءِ تقطرُ كالدّهانِ الأحمرِ صرخاتي.
تتشابكُ الذكرياتُ في الأشجارِ كبيوتِ عناكبَ هائلةٍ.
والرّياحُ أحْنَاكُهَا كخيولٍ
تنزعُ الجذورَ البَئِيسةَ مِنّي.

حاملًا أصداءَ أحلامنا
التي تصرُّ أسنانَها في عظامي كلَّ ليلةٍ
وتطرقُ في قلبي بحثًا عن ممرٍّ سريٍّ

أعرفُ بأنّ السجنَ ليسَ إلّا اسما آخر لليلٍ طويلٍ طويل
غائبٌ فيهِ الذي تعشقُ.

في هذا الصبّاحِ
ولمّا أزل نعسانَ تحتَ ملاءاتي
كنتُ أسرّح شعركِ بأصابعي
وأمسّدُ خصركِ….

حينَ تدور أوراقُ الأشجارِ في الهواءِ
كماساتٍ خضراءَ، أشعرُ
برغبةٍ في ارتداء سروالي،
وربط فردتيّ حذائي، متّشحًا بقميصٍ قطنيّ فضفاضٍ،
وأخرجُ للتسكّعِ، زافرًا أنفاسي
وطاويًا مسافاتٍ هائلةٍ
على جانبِ الطريقِ
كما تأتي السيّاراتُ وتروحُ.

رحتُ أتكلّمُ لغةً جديدةً.
معكِ، أتحسّسُ الكلماتِ التي لم أعرف بأنّها موجودةٌ قَبْلُ.
لا أستطيعُ لفظَها، ولكنَّ فِيَّ
أرضُ ناسٍ عثروا في نهايةِ المطافِ
على لغتهم الأمّ
أشعرُ الآنَ بأنني أنتسبُ، بأنني عثرتُ في النهايةِ على المعنى
في جذرِ كلِّ كلمةٍ
في ذلكَ القاموسِ الأحمر الصغيرِ
الذي أقلّبُ صفحاتهِ ساعةً بعدَ أخرى
مندهشًا من ثراءِ اللغةِ.

معكِ، أيتها المرأةُ، أشعرُ بأنني طفلٌ
يتعلّمُ الحُبَّ، ويكتبُ مشاعرَهُ على مهلهِ
بحروفٍ كبيرةٍ عبرَ السماءِ
ويستطيعُ لمسَ قلبكِ كورقةِ شجرة.

نحن كفراشة وطائرٍ طنّان؛
شعرنا بالأذى مليونَ مرّةٍ كرصاصةِ خُردقٍ في أجنحتنا.

أفكاري تلوحُ في الهواءِ
خائفةً وغاضبةً أو تكادُ ثمّ تعودُ
سابحةً ضدّ التيّارِ صوبَ أرضِ الولاداتِ
صوبَ مياهِ قلبي؛ الضّحلةِ، الصافيةِ، كثيرةِ الحصى الأزرق.

أشعرُ كأنّني صائدُ أسماكٍ وصحنُ
البسكويتِ القاسي والسمكِ الباردِ أمامَهُ.

دقّاتُ نبضي كخراطيشَ فارغةٍ تحترقُ في أنفاسي، شيئًا فشيئًا.

وجوهٌ كثيرةٌ ترتمي ميّتةً فِيَّوأباطيلُ كثيرةٌ تزحفُ بلا أذرعٍ أو سيقان.

أحملُ الحقائقَ الفاحشةَ والمتغضّنةَ
التي عثرت عليها في الأراضي الوعرةِ للملعونين والمنفيّين
وتحسّستها بأصابعي كقطع نقودٍ قديمة فوجدتها باطلةً في هذه الأرضِ
التي عشقتِ المالَ وصفّدتِ الأطفالَ بالأكاذيب.

أخرستُ شِعري ولساني لأسمعَ
الصرخاتِ الواضحةَ في الليلِ لرجالٍ تحزّونَ أعناقهم
صرخاتِ الضحايا الذينَ يضربونهم رجالٌ أعرفهم،
صرخاتِ تبديلِ بوّاباتِ السّجونِ وأصواتِ الطغيانِ
وأنا أكتبُ شعري قابلتُ عيونًا سوداء.

ستنتفضُ عضلاتُ العالَمِ
ذاتَ يومِ، مِنَ الجَمالِ وهزّةِ الجماع.

ومثلَ قطٍّ حينَ تصبحُ الشوارعُ فارغةً أطفرُ في العتمةِ ساكنًا
عبرَ نوافذَ مكسورةٍ كي أغنّي ما تعلّمتُ.

رسائلكِ، أيتها المرأةُ، كتلك الجداولِ الصخريّة التي يصادفها المرءُ في رحلةٍ طويلةٍ
فأفتحُ المغلّفَ كما قد أزيحُ من طريقي غصنًا طافحًا بالفروعِ الثقيلةِ
لأصلَ إلى براعمَ متفتّخةٍ وعشبٍ طريّ.

يسري صوتُكِ، صاعدًا بشقّ الأنفسِ، فوقَ رائحةِ جسدي الفحلِ الذي يتعرّقُ.

سأدغدغكِ وأقصُّ عليكِ أسرارَ الأراضي الغريبةِ التي تشرقُ فِيَّ
وسوفَ تمسّدينَ عضلاتي كأنّها أجنحةٌ
ولسوفَ أضعُ ريشًا بخيوطٍ جلديّةٍ في شَعركِ
وأطوّقُ عنقي بخصلةِ الشّعرِ التي أعطيتنيها
قلادتي المصنوعةِ من مخالبِ نسرٍ وقطعِ خشبٍ تطقطقُ وتخشخشُ بنعومةٍ وهي تخبطُ صدري حينَ أركضُ وأركضُ وأركضُ صادحًا تغمرني تحليقاتُ الطيورِ.

أنا صبيٌّ صغيرٌ جنّنتهُ روائحُ الأرضِ
التي سحرتها النساءُ اللواتي أجسادهُنَّ كطبولٍ جهيرةٍ عميقةِ القرارِ
تناديني كي أغنّي وأرقصَ، لساني حربةُ الشمّسِ.

لو أنني أستطيعُ أن أفتحَ كفّي وأري العالمَ ماساتِ قلبي.

كانت ثمّةَ خصلةُ شعرٍ في داخلِ الرّسالةِ،
ملصوقةً في الصفحةِ السادسةِ.
مسّدتها
كما لو كانت حيّةً، ثمّ شممتها ومرّرتُ شفتيَّ عليها، ثمّ بالسبّابةِ مسّدتُ الخصلةَ الجوزيّةَ برقّةٍ
فعرفتُ كيفَ
قادت أصواتُ الحكاياتِ السريّة شابًّا مسحورًا إلى أعماقِ الغابةِ وعرفتُ كيفَ ربّما صادفَ شعرَ امرأةٍ.

عصافيرُ صغيرةٌ تصفرُ لي وأنا ذاهبٌ إلى الصّيد.

قُربَ الأبوابِ السوداء لكلِّ ليلٍ أجلسُ، محدّقًا في أضواءِ المدينةِ مصغيًا إلى المثرثرينَ في للّيلِ
وألتقطُ فتاتَ حيواتهم.

أتوقّفُ كي أحلّ أزرارَ قميصي، ناظرًا في هذه الورقةِ كما لو أنني على أهبةِ مسيرٍ طويل.

لقد كنتُ أحدّقُ في السّماءِ كما لو أنّني سماءُ.

آهٍ، أيها النّاسُ، إنّني في السّجنِ ولكن لا تشفقوا عليّ إنّني أجلسُ هنا ناظرًا إلى الشفقِ، حالمًا بالحُبِّ.

لقد التقطتُ البذورَ من حياتي المتعفّنةِ.

أعظمُ حكمةٍ موجودةٌ في العتمةِ.





(ﺟﻤﻴﻊ ﺗﺮﺟﻤﺎﺕ تحسين الخطيب)
اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ (0)   






دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: