حاملًا أصداءَ أحلامنا
التي تصرُّ أسنانَها في عظامي كلَّ ليلةٍ
وتطرقُ في قلبي بحثًا عن ممرٍّ سريٍّ
أعرفُ بأنّ السجنَ ليسَ إلّا اسما آخر لليلٍ طويلٍ طويل
غائبٌ فيهِ الذي تعشقُ.
في هذا الصبّاحِ
ولمّا أزل نعسانَ تحتَ ملاءاتي
كنتُ أسرّح شعركِ بأصابعي
وأمسّدُ خصركِ….
حينَ تدور أوراقُ الأشجارِ في الهواءِ
كماساتٍ خضراءَ، أشعرُ
برغبةٍ في ارتداء سروالي،
وربط فردتيّ حذائي، متّشحًا بقميصٍ قطنيّ فضفاضٍ،
وأخرجُ للتسكّعِ، زافرًا أنفاسي
وطاويًا مسافاتٍ هائلةٍ
على جانبِ الطريقِ
كما تأتي السيّاراتُ وتروحُ.
رحتُ أتكلّمُ لغةً جديدةً.
معكِ، أتحسّسُ الكلماتِ التي لم أعرف بأنّها موجودةٌ قَبْلُ.
لا أستطيعُ لفظَها، ولكنَّ فِيَّ
أرضُ ناسٍ عثروا في نهايةِ المطافِ
على لغتهم الأمّ
أشعرُ الآنَ بأنني أنتسبُ، بأنني عثرتُ في النهايةِ على المعنى
في جذرِ كلِّ كلمةٍ
في ذلكَ القاموسِ الأحمر الصغيرِ
الذي أقلّبُ صفحاتهِ ساعةً بعدَ أخرى
مندهشًا من ثراءِ اللغةِ.
دقّاتُ نبضي كخراطيشَ فارغةٍ تحترقُ في أنفاسي، شيئًا فشيئًا.
وجوهٌ كثيرةٌ ترتمي ميّتةً فِيَّوأباطيلُ كثيرةٌ تزحفُ بلا أذرعٍ أو سيقان.
أحملُ الحقائقَ الفاحشةَ والمتغضّنةَ
التي عثرت عليها في الأراضي الوعرةِ للملعونين والمنفيّين
وتحسّستها بأصابعي كقطع نقودٍ قديمة فوجدتها باطلةً في هذه الأرضِ
التي عشقتِ المالَ وصفّدتِ الأطفالَ بالأكاذيب.
ومثلَ قطٍّ حينَ تصبحُ الشوارعُ فارغةً أطفرُ في العتمةِ ساكنًا
عبرَ نوافذَ مكسورةٍ كي أغنّي ما تعلّمتُ.
رسائلكِ، أيتها المرأةُ، كتلك الجداولِ الصخريّة التي يصادفها المرءُ في رحلةٍ طويلةٍ
فأفتحُ المغلّفَ كما قد أزيحُ من طريقي غصنًا طافحًا بالفروعِ الثقيلةِ
لأصلَ إلى براعمَ متفتّخةٍ وعشبٍ طريّ.